للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أبو حنيفة كان في الكوفة وأحمد كان في دار السلام (بغداد)، فيسميانه مضاربة.

والقراض: مأخوذ من القرض، وهو القطع، يقال: قرضت الفأرةُ الثوب؛ يعني قطعته، أو أكلت جزءًا منه، فسمي قراضًا؛ لأن الإنسان يقطع فيها شيئًا؛ كأنه يقطع جزءًا من ماله فيسلمه للآخر.

وشرعًا: أن يدفع رجلٌ إلى آخر مالًا ليتَّجر به، والربح بينهما (١).

فالمال من جانب، والعمل من جانب آخر، أحد الرجلين يدفع المال، والآخر يتَّجر بذلك المال ويضارب به.

ومن سمَّاه مضاربة سماه بذلك أخذًا من الضرب في الأرض؛ كما جاء ذكر ذلك في الكتاب العزيز، وكلا التسميتان صحيحتان.

والقراض أو المضاربة من العقود الجائزة وليست الواجبة.

وشرع القراض أو المضاربة للحاجة إليه؛ فالقراض يعتريه نوع من الجهالة، لكنَّ الشريعة خفَّفَت فيه من باب التيسير على الناس، والشريعة قامت على أصول ثابتة منها العدل، ومنها مراعاة مصالح الناس، ومنها التيسير الذي في القراض أو المضاربة، ودين الله يسر "ولو شاد الدِّينَ أحدٌ


(١) القراض في اللغة: القراض والمقارضة: المضاربة، .. وصورته: أن يدفع إليه مالًا ليتجر فيه، والربح بينهما. انظر: "القاموس المحيط"، للفيروز آبادي (ص ٦٥٢).
وفي اصطلاح الفقهاء:
عرفه الحنفية بأنه: عقد شركة في الربح بمال من جانب، وعمل من جانب. انظر: "الدر المختار وحاشية ابن عابدين "رد المحتار" (٥/ ٦٤٥).
عرفه المالكية بأنه: دفع مالك مالًا من نقد مضروب مسلم معلوم لمن يَتَّجر به. انظر: "حاشية الصاوي على الشرح الصغير" للخلوتي (٣/ ٦٨٢).
عرفه الشافعية بأنه: أن يدفع المالك إلى العامل مالًا؛ ليتجر فيه، والربح مشترك. انظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٣/ ٣٩٨).
عرفه الحنابلة بأنه: أن يدفع إنسان ماله إلى آخر يتجر فيه، والربح بينهما. انظر: "الكافي في فقه الإمام أحمد" لابن قدامة (٢/ ١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>