للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لغلبه" (١) ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "يسروا ولا تعسروا" (٢)، وقال: "يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا" (٣).

والله تعالى يقول في كتابه العزيز: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥]، وقال سبحانه: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} [النساء: ٢٨]، وقال جل شأنه: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨].

ولأنه ليس كل الناس عنده من الخبرة والمراس ما يستطيع أن يضرب في الأرض ويعمل بالتجارة، ومن الناس من عنده هذه الخبرة وهذه الموهبة لكن لا مال بين يديه، فيكون أحد الرجلين عنده مال لكنه ليس قادرًا على الكياسة والمماكسة (٤) والبيع والشراء والضرب في الأرض، فيجد آخر لديه هذه الموهبة، وتتوفر فيه هذه الخبرة، ويتحلى بهذه الصفة، فهو ماهر في التجارة، خبير بها، قادر على الضرب في الأرض، على أن يبيع ويشتري، ويتحرى، ويعرف ما فيه كسب وما ليس فيه إلى غير ذلك، فيدفع هذا ماله لذاك ليتجر به، على أن يكون الربح بينهما.

لكن يُشترط أن يكون الربح معلومًا، وأن يكون عند قدر معين؛ كأن يعطيه ماله ليضارب به على أن يكون الربح بينها نصفين، أو يكون للمضارب الثلث أو الربع وغير ذلك.

فهذا الدين العظيم نزل وبعث محمد - صلى الله عليه وسلم - في أمة أمية يسودها الجهل، وتنتشر بينها البدع، ويخيم فيها الشرك وعبادة الأصنام، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو الناس إلى تطهير عقائدهم من الشرك ومن عبادة الأصنام والأوثان،


(١) معنى حديث أخرجه البخاري (١/ ١٦): عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة".
(٢) أخرجه البخاري (٦٩)، ومسلم (١٧٣٢).
(٣) أخرجه البخاري (٣٠٣٨)، ومسلم (١٧٣٣).
(٤) المماكسة في البيع: انتقاص الثمن واستحطاطه والمنابذة بين المتبايعين، انظر: "لسان العرب" لابن منظور (٦/ ٢٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>