للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ودعاهم إلى عبادة الله -سبحانه وتعالى- وحده الواحد الأحد الفرد الصمد، ودعاهم أيضًا إلى إصلاح ما كانوا عليه من معاملات فاسدة، فجاء الإسلام فأبطل ما كان فاسدًا من المعاملات ورده؛ كالربا وغيره من البيوع المحرمة، وكذلك نكاح الجاهلية، ووأد البنات إلى غير ذلك.

والإسلام عندما جاء وجد أن أهل الجاهلية متصفون بصفات حميدة؛ منها: الشجاعة فأقرها الإسلام، ومنها: الوفاء فأقره الإسلام، ومنها: المحافظة على الجار.

ومن ذلك: المضاربة التي نحن بصدد الحديث عنها، فإن الإسلام أقرها، ومن المعاملات ما أقره الإسلام لكنه أضاف إليها تهذيبًا وتصحيحًا.

فهذا الدين جاء ليصلح عقائد الناس، ويصلح نفوسهم، ولينظم علاقاتهم بربهم، وعلاقات بعضهم ببعض، وما يعرف بالمعاملات التي منها البيع والإجارة والسلم والقراض وغير ذلك من المعاملات الكثيرة التي مرت بنا؛ كالنكاح، وكذلك أيضًا ما سيأتي من المساقاة، وكذلك القضاء، والعلاقات الدولية، إلى غير ذلك من أمور كثيرة.

قوله: (وَلَا خِلَافَ بَيْنِ المُسْلِمِينَ فِي جَوَازِ القِرَاضِ (١)، وَأَنَّهُ مِمَّا كَانَ فِي الجَاهِلِيَّةِ فَأَقَرَّهُ الإِسْلَامُ (٢)، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ صِفَتَهُ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ المَالَ عَلَى أَن يَتَّجِرَ بِهِ عَلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ يَأْخُذُهُ العَامِلُ مِنْ رِبْحِ المَالِ، أَيَّ جُزْءٍ كَانَ، مِمَّا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ ثُلُثًا، أَوْ رُبُعًا، أَوْ نِصْفًا، وَأَنَّ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنَ الإِجَارَةِ المَجْهُولَةِ).


(١) يُنظر: "مراتب الإجماع" لابن حزم (ص ٩١) حيث قال: "كل أبواب الفقه ليس منها باب إلا وله أصل في القرآن والسنة نعلمه، ولله الحمد، حاشا القراض فما وجدنا له أصلاً فيهما البتة، ولكنه إجماع صحيح مجرد".
(٢) يُنظر: "شرح مختصر خليل" للخرشي (٦/ ٢٠٢) حيث قال: "ولا خلاف في جواز القراض بين المسلمين وكان في الجاهلية فأقره الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الإسلام".

<<  <  ج: ص:  >  >>