للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو يُعبِّر في الكتاب بالكوفي، ويقصد به أبا حنيفة؛ لأنه هو الذي عاش بالكوفة من الأئمة وتربى فيها.

وله صولات وجولات؛ فإنه أول ما بدأ تعلمه انشغل بعلم الكلام، وكانت له مواقف جليلة ومشاهد كريمة وأعمال تكتب له، فإنه كان - رحمه الله تعالى - عندما كان متكلمًا، أي: منشغلًا بعلم التوحيد، كان يذهب من الكوفة إلى البصرة لينازع فِرَق المعتزلة (١) ويرُد عليهم، ويدحض شُبههم، ويبين أنها أقوال واهية وضعيفة، وكان يُقيم عليهم الحجة.

وكان -رحمه الله تعالى- من قوة حُجَّته يُحكى عنه أنه يستطيع أن يقيم من السارية أنها من ذهب، يعني لم يكن ينقطع لقوة حجته، لكنه بعد ذلك تحول إلى علم الفقه لأسباب ذكرناها عدة مرات ونحن نتحدث في هذا المقام؛ لأنه رأى أن الاشتغال به أنفع، وأنه جاء عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم" (٢)، وقال: "هلك المتنطعون" (٣).


= ويُنظر أيضًا: "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" للمرداوي (٥/ ٤٣١) حيث قال: "وإن قال: ضارب بالدين الذي عليك: لم يصح. هذا المذهب .... وعنه: يصح. وهو تخريج في "المحرر"، واحتمال لبعض الأصحاب، وبناه القاضي على شرائه من نفسه. وبناه في "النهاية" على قبضه من نفسه لموكله. وفيهما روايتان. فوائد: منها: لو قال: إذا قبضت الدين الذي على زيد، فقد ضاربتك به: لم يصح وله أجرة تصرفه. قال في "الرعاية" قلت: يحتمل صحة المضاربة. إذ يصح عندنا تعليقها على شرط".
(١) يُنظر: "الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار" للعمراني (١/ ٦٨ - ٦٩) حيث قال: المعتزلة هم أتباع واصل بن عطاء الغزال تلميذ الحسن البصري، وكان زمنه بين أيام عبد الملك بن مروان وأولاده الثلاثة وعمر بن عبد العزيز، وكان اعتزل الحسن البصري بسبب قوله في مرتكب الكبيرة … ، فقال الحسن البصري: "اعتزل عنا واصل، فسمي هو وأصحابه معتزلة، ثم استقر مذهب الاعتزال بعد ذلك على خمسة أصول".
(٢) أخرجه البخاري (٢٤٥٧)، ومسلم (٢٦٦٨).
(٣) أخرجه مسلم (٢٦٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>