للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَقْبِضَ دَيْنًا لَهُ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ، وَيَعْمَلُ فِيهِ عَلَى جِهَةِ القِرَاضِ).

هذه صورة تختلف عن الأولى: رجلٌ وكَّل آخر - إذًا هذا من باب الوكالة (١) فقال: يا فلان قد وكَّلتُك أن تقبض ما عند زَيدٍ من الناس من المال، فإذا ما قبضتَه وأصبح في يدك فضارِب به، على أن يكون الربحُ بيننا كذا وكذا.

قوله: (فَلَمْ يُجِزْ ذَلِكَ مَالِكٌ (٢)، وَأَصْحَابُهُ؛ لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّهُ ازْدَادَ عَلَى العَامِلِ كَلْفَةً، وَهُوَ مَا كلَّفَهُ مِنْ قَبْضِهِ، وَهَذَا عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ مَنِ اشْتَرَطَ مَنْفَعَةً زَائِدَةً فِي القِرَاضِ أَنَّهُ فَاسِدٌ). ثُمَّ قال: (وَأَجَازَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ (٣)، وَالكُوفِيُّ) (٤).

قلتُ: وأجاز ذلك الإمام أحمد (٥) -رحمه الله - أيضًا.


(١) "الوكالة: لغةً: التفويض إلى الغير، ورد الأمر إليه.
وشرعًا: استنابة جائز التصرف مثله فيما له عليه تسلط أو ولاية ليتصرف فيها". انظر: "التوقيف على مهمات التعاريف" للمناوي (ص ٣٤٠).
(٢) يُنظر: "حاشية الصاوي" للخلوتي (٣/ ٦٨٢) حيث قال: "لا بدين عليه: أي: على العامل … أو محال به: أي كما إذا قال له اقبض الدين الذي لي على فلان واتجر فيه".
(٣) يُنظر: "الغرر البهية في شرح البهجة الوردية" لزكريا الأنصاري (٢٨٣/ ٣) حيث قال: "ولو قارضه على دراهم عند غيره وديعة، أو مغصوبة، أو غيرهما صح لتعينها في يده بخلاف ما في الذمة".
(٤) يُنظر: "فتح القدير" للكمال ابن الهمام (٨/ ٤٤٧) حيث قال: "وكذا إذا قال له: اقبض ما لي على فلان واعمل به مضاربة جاز لما قلنا، بخلاف ما إذا قال له: اعمل بالدين الذي في ذمتك حيث لا تصح المضاربة".
(٥) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ٢١٨ - ٢١٩) حيث قال: "و (لا) تصح إن قال: (ضارب بديني عليك أو) ضارب بديني (على زيد فاقبضه)؛ لأن الدين في الذمة ملك لمن هو عليه، ولا يملكه ربه إلا بقبضه، ولم يوجد .... ويصح إن قال: ضارب بوديعة لي عند زيد أو عندك مع علمهما قدرها". =

<<  <  ج: ص:  >  >>