للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مراده أن العلماء أجمعوا على أن القراض (المضاربة) عقد جائز وليس بلازم.

وهذا من قبيل اللف والنشر، فهو يريد أن يقول: إن عقد القراض جائز وليس بلازم، فقال: إن العلماء أجمعوا على أن اللزوم ليس من شرطه.

إذًا، فالقراض من العقود الجائزة؛ كالوكالة والجعالة التي سبق ذكرها، والشركة الآتي ذكرها بعد، فهذه عقود جائزة، وهناك عقود مختلف فيها كالمساقاة الآتي ذكرها بعد.

قلنا في الإجارة: إنها عقد لازم، وكذلك في البيع، فلا يجوز أن يُفْسخ البيع أو الإجارة دون سبب يقتضي ذلك، لكن في المضاربة يجوز


=ومذهب المالكية، يُنظر: "البيان والتحصيل" لابن رشد الجد (٤/ ٤١٧) قال: "وأما القراض والبيع فإنما لم يجز أن يجتمعا في صفقة واحدة من أجل أن القراض مخالف للبيع في وجهين: أحدهما أن القراض من العقود الجائزة، والثاني أنه إجارة مجهولة، يجوز بالإجماع والاتباع والقياس على المساقاة". وانظر: "مواهب الجليل" للحطاب (٥/ ٣٥٥).
ومذهب الشافعية، يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيثمي (٦/ ٨٢) قال: "القراض … أن يدفع إليه مالًا ليتجر فيه والربح مشترك بينهما، فخرج ليدفع مقارضته على دين عليه أو على غيره، وقوله: بع هذا وقارضتك على ثمنه واشتر شبكة واصطد بها فلا يصح، نعم يصح البيع وله أجرة المثل … وأركانه ستة: عاقدان وعمل وربح ومال وصيغة … ويشترط لصحته كون المال دراهم أو هي مانعة خلو لا جمع دنانير خالصة … فلا يجوز على تبر وهو ذهب أو فضة لم يضرب سواء … وحلي وسبائك لاختلاف قيمتها، ومغشوش وإن راج وعلم قدر غشه واستهلك، وجاز التعامل به، وقيل: يجوز عليه إن استهلك غشه … وعروض مثلية أو متقومة … وكونه معلومًا قدره وجنسه وصفته فلا يجوز على نقد مجهول القدر".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٣/ ٥٠٨) قال: "وتنعقد المضاربة بما يؤدي معنى ذلك؛ أي معنى المضاربة والقراض من كل قول دل عليها؛ لأن المقصود المعنى فجاز بكل ما يدل عليه، وهي - أي المضاربة - أمانة ووكالة؛ لأنه متصرف لغيره بإذنه، والمال تحت يده على وجه لا يختص بنفعه … وإن فسدت المضاربة فإجارة؛ لأن العامل يأخذ أجرة عمله … ومن شرط صحتها - أي المضاربة - تقدير نصيب العامل من الربح؛ لأنه لا يستحقه إلا بالشرط".

<<  <  ج: ص:  >  >>