وما دأم عقدًا جائزًا، فيجوز لكل منهما أن يطالب بفسخه؛ لأنه غير ملزم له، وما دام غير ملزم له فله أن يطالب بالفسخ، وبالمفاصلة، وهذه من أسباب كونه عقدًا غير لازم، وذلك مما جعل العلماء لا يجيزون القراض في عروض التجارة؛ لأنه - كما أشرنا قبل - إما أن يكون العقد على عينه، أو على قيمته، أو على أثمانه، والأثمان تختلف من وقت إلى وقت، وكذلك لا يجوز على الأعيان؛ لأنها عروض أيضًا.
إذن إذا شرع العامل في العمل وقد أخذ هذا المال الذي أعطيه، هل يجوز فسخه أو لا؟
نحن نعلم بالنسبة للعبادات أن الإنسان إذا دخل في نافذة لزمه إتمامها، كمن يحرم في حج غير مفروض، فإنه يلزمه إتمامه، وكذلك إذا دخل الإنسان في سنة، كما قال تعالى: قوله: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (٣٣)} [محمد: ٣٣] لكن بالنسبة للسنة إذا أقيمت الصلاة، يأتي الخلاف: إذا أقيمت الصلاة وأنت تصلي سنة أو نافلة فهل لك أن تقطعها وتبدأ بالصلاة المكتوبة؛ لأنه إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة، فتأخذ بهذا الحديث وتقطع؟ أم تخفف وتتم (١) عملًا بعموم قوله تعالى: قوله: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (٣٣)} [محمد: ٣٣]؟
(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "الدر المختار" للحصكفي وحاشية ابن عابدين (١/ ٣٧٧ - ٣٧٨) قال: "وكذا يكره تطوع عند إقامة صلاة مكتوبة … إلا سنة فجر إن لم يخف فوت جماعتها، ولو بإدراك تشهدها، فإن خاف تركها أصلًا، وما ذكر من الحيل مردود، وكذا يكره غير المكتوبة عند ضيق الوقت، وقبل صلاة العيدين مطلقًا، وبعدها بمسجد=