للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشتري بأكثر من ثمن المثل، ولا يجوز له أن يبيع بأقل من ثمن المثل؛ إلا أن يتفق مع البائع.

وليس له أن يسلك بهذه السلع طريقًا مخوفًا أو غير آمن؛ لأنه ربما سلك ذلك الطريق حتى وإن كان أقرب وأدى ذلك إلى ذهاب المال؛ فقد يكون هذا الطريق مشهورًا معروفًا بوجود لصوص فيه، وقد يوجد فيه بعض قطاع الطرق، وهناك طريق سالك آمن ليس فيه خوف، فكان ينبغي أن يسلكه وإن طالت المسافة؛ لأنه عرج على ذلك الطريق، وهذا الطريق ربما يعرض بضائعه إلى النهب، فيكون بذلك قد أضر به، فهذا لا يجوز.

وهنا مسألة أخرى: هل عمل المضارب في المضاربة موقوف أو محصور في البيع والشراء، أم أنه مطالب بأمور أخرى؟ وهل هو مسؤول عن حراسته؟ وهل هو مسؤول عن ترتيبه؟ وهل هو مسؤول عن ربط ما يحتاج إلى ربط وفك ما يحتاج إلى فك وترتيب ما يحتاج إلى ترتيب؟

لا شك أنه مطالب بما يقوم به رب المال، فالأشياء التي جرت العادة أن يقوم بها رب المال فهو يقوم بها أيضًا؛ لأنه أمين على ذلك؛ لكن ليس مسؤولًا عن نقل البضائع؛ لأن نقل البضائع يحتاج إلى عداد، فكانت فيما مضى تحتاج إلى الرواحل، وفي زمننا هذا تحتاج إلى السيارات أو البواخر أو الطائرات، وهذا يكلف، فلا يقال بأنه مسؤول عن ذلك؛ حتى ولو كان يتاجر ويضارب في نفس البلد، فإنه يحتاج إلى نقله من مكان إلى مكان، ويحتاج إلى مستودعات هذه الأمور التي لم تجر العادة بها، والعامل غير مطالب بها، وعليه أن ينفق عليها من مال المضاربة، هذا هو المعروف.


= ومذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٣/ ٥١١)، قال: "وحكم المضاربة: حكم الشركة فيما للعامل أن يفعله من البيع والشراء، أو القبض والإقباض وغيرها، أو لا يفعله كالقرض، وكتابة الرقيق وتزويجه ونحوه، وفيما يلزمه فعله كنشر الثوب وطيه، وختم الكيس والإحراز ونحوه".

<<  <  ج: ص:  >  >>