للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه مسألة مهمة، لكن كان ينبغي على المؤلف أن يقدم لها، ولكننا لا نؤاخذه؛ لأنه -كما قال- يعني بمشهور المسائل وأمهاتها.

وفيما يتعلق بالعامل هل هو مسؤول تجاه مال القراض أو غير مسؤول؟

لا شك أن العلماء مجمعون على أنه مسؤول، فهو أمين عليه، وينبغي أن يحافظ عليه، وألا يفرط في ذلك المال (١)، فلا يجوز له أن


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٦/ ٨٦، ٨٧) قال: "أحكام [المضاربة] الصحيحة فكثيرة بعضها يرجع إلى حال المضارب في عقد المضاربة … أما الذي يرجع إلى حال المضارب في عقد المضاربة فهو أن رأس المال قبل أن يشتري المضارب به شيئًا أمانة في يده بمنزلة الوديعة … فإذا اشترى به شيئًا صار بمنزلة الوكيل بالشراء والبيع … فيكون شراؤه على المعروف؛ وهو أن يكون بمثل قيمته أو بما يتغابن الناس في مثله … ولو اشترى شراء فاسذا يملك إذا قبض لا يكون مخالفًا، ويكون الشراء على المضاربة، وكذا إذا باع شيئًا من مال المضاربة بيعًا فاسذا لا يصير مخالفًا ولا يضمن".
ومذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الصغير لأقرب المسالك وحاشية الصاوي" للدردير (٣/ ٧٠٦، ٧٠٧) قال: "والعامل أمين؛ فالقول له في دعوى تلفه أي المال، ودعوى خسره ورده لربه بيمين في الكل ما لم تقم على كذبه قرينة أو بينة إن قبضه بلا بينة توثق: هذا شرط في دعوى رده فقط؛ أي ادعى رده لربه، فالقول للعامل بيمين إن لم يكن قبضه ببينة مقصودة للتوثق بها خوف دعوى الرد بأن قبضه بلا بينة أصلًا، أو بينة لم يقصد بها التوثق، فإن قبضه ببينة قصد رب المال بها التوثق خوفًا من دعواه الرد؛ فلا يقبل قوله إلا ببينة تشهد به، أو قال العامل: هو قراض، وقال ربه: هو بضاعة عندك لتشتري لي به سلعة كذا بأجر معلوم، وعكسه: فالقول للعامل فيهما".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٣/ ٤٠٨) قال: "ويتصرف العامل محتاطًا في تصرفه كالوكيل، وحينئذ يجب عليه أن يحبس المبيع حتى يقبض الثمن الحال، ولا يتصرف بغبن فاحش في بيع أو شراء، ولا نسيئة في ذلك بلا إذن من المالك في الغبن والنسيئة؛ لأنه في الغبن يضر بالمالك، وفي النسيئة ربما هلك رأس المال، فتبقى العهدة متعلقة بالمالك فيتضرر أيضًا، فإن أذن جاز، ويجب الإشهاد في البيع نسيئة".

<<  <  ج: ص:  >  >>