للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "وَأَمَّا إِجَازَةُ التَّيَمُّمِ بِمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهَا، فَضَعِيفٌ، إِذْ كَانَ لَا يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الصَّعِيدِ، فَإِنَّ أَعَمَّ دَلَالَةِ اسْمِ الصَّعِيدِ أَنْ يَدُلَّ عَلَى مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الأَرْضُ، لَا أَنْ يَدُلَّ عَلَى الزَّرْنِيخِ وَالنَّورَةِ، وَلَا عَلَى الثَّلْجِ وَالحَشِيشِ": هذا اقترابٌ من المؤلف رحمه الله من مذهب الشافعية والحنابلة، فقد علمت أن رأي المالكية على خلاف ذلك.

* قوله: (أَمَّا المَسْأَلَةُ الأولَى، فَذَهَبَ مَالِكٌ فِيهَا إِلَى أَنَّ إِرَادَةَ الصَّلاةِ الثَّانِيَةِ تَنْقُضُ طَهَارَةَ الأُولَى، وَمَذْهَبُ غَيْرِهِ خِلافُ ذَلِكَ).

أَشَار المؤلف هنا إلى مسألةٍ مهمةٍ، وهي: هل يلزم التيمم لكل صلاة؟

ذهب الشافعية (١)، والمالكية (٢) في المشهور عنهم، والحنابلة (٣) في روايةٍ أنه يلزمه التيمم لكل صلاة، فلا يجوز أن يصلي بتيمم واحد أكثر من فريضةٍ.

أما قول المؤلف: "فَذَهب مالكٌ … "، فيُشْعر بأن هذا قول المالكية وَحْدهم، والصَّواب أنه قول المالكية في المَشْهور عنهم، إِذْ قد خالف


(١) يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (١/ ٢٦٩)، قال: " (ولا يصلي بتيمم غير فرض)؛ لأن الوضوء كان لكل فرضٍ؛ لقَوْله تَعالَى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ}، والتيمم بدل عنه، ثم نسخ ذلك في الوضوء، "بأنه -صلى الله عليه وسلم- صلى يوم الفتح خمس صلوات بوضوءٍ واحدٍ"، فبقي التيمم على ما كان عليه".
(٢) يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (١/ ١٦١)، قال: " (وإن) (نسي) من فرضه التيمم (إحدى) الصلوات (الخمس)، ولم تعلم عينها (تيمم خمسًا) لكل صَلَاة تيمم؛ لأن مَنْ جهل عين منسية صلى خمسًا كما سيأتي، وكل صلاة لا بد لها من تيمم".
(٣) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ٩٩) قال: " (ويبطل) التيمم (حتى تيمم جنب لقراءة، ولبث بمسجد و) حتى تيمم (حائض لوطءٍ: بخروج وقت) لقول عليٍ: "التيمم لكل صلاة"، ولأنه طهارة ضرورة، فتقيدت بالوقت كطهارة المستحاضة وأولى".

<<  <  ج: ص:  >  >>