بغرر؛ لأن العامل يعمل في المال على جزء مما يربح فيه إن كان فيه ربح، إلا أنه استثني من الأصول للضرورة، فإنما يجوز إذا وقع على وجهه وسنته. فإذا وقع على خلاف ذلك فليس بقراض وإن سمياه قراضًا، وإنما هو إجارة فاسدة فيرد فيها إلى إجارة مثله، وإنما يكون قراضًا إذا عملا على سنة القراض. ألا ترى أنه لو قارضه على أن يعمل له بالمال إلى أجل كذا وكذا في كذا وكذا وله كذا وكذا لكانت إجارة ولم يكن قراضًا، فلا معنى للاعتبار بذكر القراض إلا إذا عمل به على سنَّته. وأيضًا فإن القراض عقد صحيح يوجب عوضًا مسمًّى للعامل بالعمل، فإذا كان فاسدًا وجب له أجر المثل في عمله لفواته. أصله إذا استأجره إجارة فاسدة ففاتت بالعمل أو باعه بيعًا فاسدًا ففاتت السلعة المبيعة.
ثم قال: ووجه قول من قال: إنه يرد إلى قراض مثله جملة من غير تفصيل أن القراض أصل في نفسه وعقد منفرد على حياله، والأصول موضوعة على أن كل عقد فاسد أو على شبهة مردود إلى صحيحه لا إلى صحيح غيره من العقود كالنكاح والبيوع والإجارة. فكما يرد فاسد البيع وغيره من العقود إلى صحيحها لا إلى صحيح غيرها فكذلك يجب أن يرد فاسد القراض إلى صحيحه (١). انتهى.
فإذا نظرنا إلى التعليل؛ فتفريق المؤلف أوجه؛ فإن اعتبار الفساد في العقد موجبًا عود القراض إلى أصله (وهو الإجارة)، فيجب أجرة المثل، واعتبار الإخلال بشيء زائد عن العقد أقل خطرًا، فنعتبر القراض كالصحيح، ونمضي قراض المثل أقرب في التصور الصحيح مما ذكره القاضي عبد الوهاب -رحمه الله -.