للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إجماع؛ فمثلًا إذا كان الخلاف في قدر رأس المال - أي: رأس مال المضاربة - فالعلماء مجمعون على أن القول إنما هو قول العامل؛ لأنه أمين على ذلك، وينبغي أن يصدق، ورب المال عندما دفع ماله إليه كان واثقًا به مطمئنًا إليه، وهو لا يدفع ماله لإنسان يشك فيه، وتدور حوله ريبة في نفسه، مترددة في صدره، فهو إذًا واثق به.

ولذلك فقد حكى ابن المنذر الإجماع على ذلك (١).

أمَّا إذا كان الاختلاف في ثمن شراء مال المضاربة أو في البيع في الدين، فهنا يأتي الخلاف الذي أشار إليه المؤلف.

• قوله: (فَقَالَ مَالِكٌ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ مُؤْتَمَنٌ) (٢).

هذا قول الأئمة كلهم (٣)، حكى ابن المنذر الإجماع عليه، إذا كان الخلاف في قدر رأس المال؛ أي: رأس مال المضاربة، فابن المنذر حكى الإجماع عليه، وقال: لا أعلم خلافًا في ذلك.


(١) يُنظر: "الإشراف" لابن المنذر (١/ ١٠٦) قال: "أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا دفع إلى الرجل مالًا مضاربة، ثم اختلفا، وقد جاء العامل بألفي درهم، فقال رب المال: كان رأس المال ألفي درهم. وقال العامل: رأس المال ألف درهم والربح ألف درهم - أن القول قول العامل المدفوع إليه المال مع يمينه، وذلك إذا لم يكن لرب المال بينة. كذلك قال الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: وبه نقول".
(٢) يُنظر: "البيان والتحصيل" لابن رشد الجد (٢/ ٣٨٧، ٣٨٨) قال: "اختلفا في رأس المال؛ فقال رب المال: مالي مائتا دينار وهو جميع ما أتى به العامل، وقال العامل: بل رأس المال مائة، فقال: القول قول العامل في رأس المال؛ لأنه لم يقر أنه قبض إلا مائة دينار، قال: فإن كانت لصاحب المال بينة وإلا فيمين العامل، فإن نكل العامل عن اليمين إذا لم يكن لرب المال بينة قيل لرب المال: احلف وخذ المائتين، فإن نكل عن اليمين لم يكن إلا ما أقر به العامل، فإن أقام المدعي البينة وهو رب المال، وأقام العامل البينة، وتكافأت البينتان في العدالة سقطت البينتان، وكانا كمن لا بينة لهما، وكان الجواب فيهما كما وصفت لك، قال: وإن كانت البينتان مختلفتين في العدالة أخذ بأعدل البينتين".
(٣) لأهل العلم تفصيل في هذه المسألة سيأتي ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>