للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هي كراء الأرض (١)، هكذا قالت الحنفية؛ لكن الجمهور أجابوا عن ذلك وقالوا: أولًا لو قدر أن عبد الله بن عمر رجع عن هذا الحديث إلى فعله، فروايته مقدمة على فعله، هذه ناحية.

الناحية الأخرى أن حديث رافع بن خديج جاء بعدة طرق وبعدة ألفاظ، حتى حكم عليه بعض العلماء بأنه حديث مفترق وإن كان في "صحيح مسلم"، وأيضًا جاء في بعض طرقه أن رافع بن خديج قال: كنا نكري الأرض فنقول: هذه للعامل وهذه لنا، فربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه، فنهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك (٢).

يعني نهاهم عن هذا الطريق، قال: ولم يكن ذهب ولا ورق، ولم ينهنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الذهب والورق.

وقال "طاوس" التابعي المعروف: كان ابن عباس أعلمهم. ثم قال إنه قال: لم ينه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، ولكن قال: "لأن يمنح أحدكم أخاه أرضه خير له من أن يؤجرها، أو أن يؤجره إياها خراجًا معلومًا" (٣).

فجاء حديث ابن عباس مبينًا للمراد أيضًا، وأنكر زيد بن ثابت حديث رافع بن خديج (٤).


(١) المخابرة: هي المزارعة على نصيب معين كالثلث والربع وغيرهما. انظر: "النهاية" لابن الأثير (٢/ ٧).
(٢) أخرجه البخاري (٢٣٢٧) عن رافع بن خديج قال: "كنا أكثر أهل المدينة مزدرعًا، كنا نكري الأرض بالناحية منها مسمى لسيد الأرض"، قال: "فمما يصاب ذلك وتسلم الأرض، ومما يصاب الأرض ويسلم ذلك، فنهينا، وأما الذهب والورق فلم يكن يومئذ".
(٣) أخرجه البخاري (٢٣٣٠)، ومسلم (١٥٥٠) عن عمرو: قلت لطاوس: لو تركت المخابرة فإنهم يزعمون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه، قال - أي عمرو -: إني أعطيهم وأغنيهم وإن أعلمهم، أخبرني - يعني ابن عباس - رضي الله عنهما -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينه عنه ولكن قال: "أن يمنح أحدكم أخاه خير له من أن يأخذ عليه خرجًا معلومًا".
(٤) أخرجه أبو داود (٣٣٩٠) وغيره عن زيد بن ثابت قال: يغفر الله لرافع بن خديج، أنا والله أعلم بالحديث منه؛ إنما أتاه رجلان - قال مسدد: من الأنصار - ثم اتفقا، =

<<  <  ج: ص:  >  >>