للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو هذه العلة القادحة التي ذكرها المؤلف، فالحديث حجة، وهو صحيح (١).

• قوله: (وَاخْتَلَفُوا إِذَا كَانَ مَعَ النَّخْلِ أَرْضٌ بَيْضَاءُ أَوْ مَعَ الثِّمَارِ).

هذه هي الإشارة إلى المزارعة التي ذكرتها قبل، ولذلك لم يعقد لها بابًا، ولو نظرنا في بعض الكتب ككتاب "المغني" أو "المجموع" أو غيرهما لوجدنا أنها قد بحثت بحثًا لا يقل عن المساقاة؛ لأن المزارعة هي أن يدفع إنسان أرضًا إلى آخر؛ ليقوم بزرعها على جزء معلوم من الثمر (٢)، وفي المساقاة يكون الشجر قائمًا لكنه غير مثمر، فيعطيه شخصًا، وهناك أرض بيضاء لكنها أرض زراعية صالحة للزراعة، فيسلمها لآخر على أن يقوم بحرثها وسقيها - سيأتي الكلام عن البذر وعلى من يكون - ثم يكون الثمر بينهما على ما يتفقان عليه. وسيأتي أيضًا أن المزارعة صحيحة، ومالك خالف في المزارعة، فانضم إلى أبي حنيفة؛ فأبو حنيفة يمنع المساقاة والمزارعة، ومالك لا يرى المزارعة، والشافعي يراها لكن مع غيرها من الثمر لا منفصلة، والإمام أحمد وعلماء الحديث وأكثر العلماء يرون أن المزارعة صحيحة، ودليلهم هو الأدلة التي جاءت في خيبر.

• قوله: (هَلْ يَجُوزُ أَنْ تُسَاقَى الْأَرْضُ مَعَ النَّخْلِ بِجُزْءٍ مِنَ النَّخْلِ، أَوْ بِجُزْءٍ مِنَ النَّخْلِ وَبِجُزْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ؛ فَذَهَبَ إِلَى


(١) ليست علة الحديث تفرد عبد الرحمن بن إسحاق كما ذهب الشارح؛ بل العلة كما قال أبو داود عقيب الحديث: قال أبو داود: سعيد لم يسمع من عتاب شيئًا، وقال الألباني في "الإرواء" (٣/ ٢٨٣): "عبد الرحمن بن إسحاق المتابع للتمار هو العامري القرشي، وهو حسن الحديث، وفي حفظه ضعف كالتمار، فوصلهما للإسناد مع إرسال أولئك الثقات له مما لا تطمئن النفس لقبوله".
(٢) المزارعة: معاقدة دفع الأرض إلى من يزرعها على أن الغلة بينهما على ما شرطا. يُنظر: "طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية" للنسفي (ص ١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>