للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشعر، فصار يطلق عليها ضفيرة. وكذلك في الحج تأخذ قدر أنملة من كل ضفيرة (١)، والقصد هنا: الجمع، فهذا المكان يوضع على شكل بركة أو حفرة يجتمع فيها الماء، وهو المكان الذي يجتمع عنده الماء فيصب فيه.

• قوله: (أَوْ إِنْشَاءِ غَرْسٍ، أَوْ إِنْشَاءِ بَيْتٍ يُجْنَى فِيهِ الثَّمَرُ. وَأَمَّا مَا لَهُ تَأْثِيرٌ فِي إِصْلَاحِ الثَّمَرِ، وَلَا يَتَأَبَّدُ، فَهُوَ لَازِمٌ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، وَذَلِكَ مِثْلُ الْحَفْرِ، وَالسَّقْيِ، وَزَبْرِ الْكَرْمِ، وَتَقْلِيمِ الشَّجَرِ (٢)).

لقد نبهت مرات إلى أن من مزايا الكتب القديمة أنها تحفظ لنا أصول اللغة، فتجد أن الفقهاء في تعبيراتهم لا يختارون الألفاظ السهلة القريبة إلى الأذهان دائمًا، كما نفعل الآن في كتاباتنا، نتخير الألفاظ التي يعرفها المبتدئ، وإن وصل إلى درجة أعلى، أو حتى إلى القمة.

لكن الفقهاء المتقدمين يأتون بالألفاظ التي لا يفهمها أكثر الناس إلا بالرجوع إلى القواميس، كزبر الكرم، وكلمة ضفيرة، فما علاقة ضفيرة بالماء؟ فالضفيرة تنصرف أكثر إلى ضفيرة الشعر، فيأتون بمثل هذه العبارات التي تحتاج منا إلى وقفة، فنحن نحاول أن نفهم معناها ولفظها، وكلما أعملت فكرك وبذلت جهدك وكددت في إعمال ذهنك، فإن هذا يعينك أكثر، فيصبح العلم الذي تتعلمه سهلًا بعد ذلك، لكن إذا عودت نفسك على المسائل اليسيرة والمسهلة تعود ذهنك على هذا فأصابه الخمول والكسل، فيصعب على الإنسان أن يفهم مثل هذه العبارات.

ومن هنا يأتي الفرق بيننا وبين العلماء السابقين، فعندما تقرأ كتابات العلماء السابقين تجد فيها جزالة اللفظ، وقوة المعاني، وأما الآن فتجد الألفاظ سهلة، وربما تجد التأثر بعبارات دخيلة على اللغة العربية، فالقراءة


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٣/ ١٤٦) عن ابن عمر قال: "تجمع المحرمة شعرها، ثم تأخذ قدر أنملة".
(٢) تقدم الكلام ضمنًا على هذه الأمور فيما على العامل فعله.

<<  <  ج: ص:  >  >>