للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الكتب القديمة لها فوائد عدة؛ ففيها كد للذهن، وإعمال للفكر، وهذا مما يعين طالب العلم على أن يتعود فهم دقائق المسائل.

• قوله: (وَزَبْرِ الْكَرْمِ).

المراد بالزبار تخفيف الأغصان الرديئة (١)، إذا جئت إلى شجرة العنب الكبيرة، أو النخلة، فوجدت فيها أغصانًا رديئة فإنك تزيلها، وقد تحتاج إلى إزالة الجيد؛ لتخفف حتى تنمو هذه الشجرة وتكون أحسن مما لو كانت قد حملت حملًا ثقيلًا، فكلما خففت وجدت أن الثمرة أقوى وأنفع، سواء في العنب أو في النخل.

• قوله: (وَتَقْلِيمِ الشَّجَرِ وَالتَّذْكِيرِ، وَالْجِذَاذِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ).

الأشجار تحتاج إلى عناية وتحتاج إلى قص، والمقصود بالتقليم قطعها وقطع ما لا ينفع منها، وبالنسبة لزبر الكرم فهو قطع الأغصان بمنجل أو نحوه من الآلات التي تزال بها هذه الأشياء التي تؤثر على نمو الشجرة.

فانظر إلى دقة الفقهاء رحمهم الله، فهم في الغالب ليسوا ممن يشتغلون في الزراعة؛ لأنهم تفرغوا للعلم، لكنك تجد أنهم يدققون ويتعرفون، وهم يختلفون عنا، فلا تجد أن أحدهم يصدر حكمه على قضية إلا بعد أن يعرفها ويتعلق بها، فهو يريد أن يعرف كل شيء، ولذلك ترون أنهم كانوا - كما مر في أحكام الطهارة؛ في الحيض ومسائله الدقيقة، والنفاس - يسألون النساء لخبرتهنَّ في ذلك، وفي مجال الصناعة يسألون أهل الصنعة، وفي مجال الطب يسألون أولئك أيضًا، فيأخذون رأي أهل الخبرة ممن يوثق به، فالفقيه يحتاج إلى أن يعرف ما عند أرباب الصناعات حتى يطبقها على ما عنده من العلم، فانظر كيف كان الفقهاء يدققون ويشتغلون بهذه المسائل؟!


(١) "الزبر": تخفيف الكرم من الأغصان الرديئة وبعض الجيدة بقطعها بمنجل ونحوه، زبرت الشيء: قطعته. انظر: "المطلع على ألفاظ المقنع" (ص ٣١٤، ٣١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>