للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَد استحبَّ بَعْضُ أَهْل العِلْمِ؛ كشيخ الإسلام ابن تيمية (١) الأخذ بهذا الأثر، وأن المصلي إذا قهقه في الصلاة، يفعل ذلك احتياطًا.

* قوله: (وَلا حُجَّةَ فِي الظَّوَاهِرِ الَّتِي يُرَامُ الاحْتِجَاجُ بِهَا لِهَذَا المَذْهَبِ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}، فَإِنَّ هَذَا لَمْ يُبْطِلِ الصَّلَاةَ بِإِرَادَتِهِ، وَإِنَّمَا أَبْطَلَهَا طُرُوُّ المَاءِ كَمَا لَوْ أَحْدَثَ).

أَوْرَدَ المؤلِّف هنا الآيةَ الَّتي يَسْتشهد بها العُلَماء في هَذَا الخلَاف، وَفِي غَيْره أيضًا، فَفي مَسْألة صلاة النافلة وقَدْ أقيمت الصلاة، فمنهم من ذهب إلى قطع الصلاة، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أقيمت الصلاة، فلا صلاة إلا المكتوبة" (٢)، وبعضهم قال بالإتمام؛ لقول الله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد:٣٣].

فأما حديث: "إذا أقيمت الصلاة، فلا صلاة إلا المكتوبة"، فهو نصٌّ في المسألة، وقول الله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} و عامٌّ، فاختلف أهل العلم: هل نأخذ بالخاص أو بالعام؟ وهناك مَنْ توسَّط، فقال: يخفف النَّافلة، وليلحق بالإمام.

ومثل هذه الآية: الآيات التي جاءت في الحثِّ على المسارعة والمسابقة إلى الخيرات، فاختلف أهل العلم فيمَنْ سمع الإقامة أيهما الأفضل في حقه: أن يُسْرع إليها، أو أن يأتيها بسَكِينَةٍ، فمنهم (٣) مَنْ قال:


= والريح، يعيد الوضوء والصلاة"، وفيه أيضًا (٢/ ٣٤٣) عن إبراهيم النخعي قال: ثلاث يُعَاد منه الوضوء والصلاة: الضحك، والبول، والريح.
(١) يُنظر: "مجموع الفتاوى" لابن تيمية (٢٢/ ٦١٤)، قال: "أما التبسم فلا يبطل الصلاة، وأما إذا قهقه في الصلاة، فإنها تبطل، ولا ينتقض وضوؤه عند الجمهور، كمالك والشافعي وأحمد، لكن يستحب له أن يتوضأ في أقوى الوجهين، لكونه أذنب ذنبًا، وللخروج من الخلاف فإن مذهب أبي حنيفة ينتفض وضوؤه".
(٢) أخرجه مسلم (١٥٩١).
(٣) مذهب الحنفية، يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (١/ ٢١٨)، قال: "قال محمد: ويؤمر مَنْ أدرك القوم ركوعًا أن يأتي وعليه السكينة والوقار، ولا يعجل في الصلاة=

<<  <  ج: ص:  >  >>