للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حجة من قال من أهل العلم بأنها عقد لازم:

حجتهم في ذلك أمران:

الأمر الأول: أنها معاوضة؛ عوض مقابل عوض، فتكون عقدًا لازمًا، قياسًا على الإجارة؛ لأن الإجارة مبادلة عوض بعوض، تسلمه دارًا ويعطيك عوضها، وهنا أيضًا إنسان يعمل في هذه الأشجار أو في هذا البستان، ولأخذ مقابل عمله جزءًا من الثمرة، فهو إذن عوض يقابله عوض، هذا تعليل أول للذين قالوا بأنها عقد لازم، فقاسوه على الإجارة.

الأمر الثاتي: أنهم قالوا: لو كانت عقدًا جائزًا لجاز لرب المال أن يفسخها عند صلاح الثمر، فحينئذ يتضرر العامل، فينبغي أن يكون عقدًا لازمًا.

حجة من قال من أهل العلم باتها عقد جائز:

القول بأنها عقد جائز هو المشهور في مذهب أحمد (١)، ومن قالوا من أهل العلم بهذا القول، فحجتهم الحديث الذي أوردناه قبل، وهو أن أهل خيبر سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقرهم على خيبر - أي: على تلك المزارع أن تبقى بأيديهم - على أن يعطوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شطرًا مما يخرج منها من زرع أو ثمر، ووجه الدلالة من هذا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أجابهم بقوله في آخر الحديث: "نقركم على ذلك ما شئنا". وهذا حديث صحيح أخرجه مسلم (٢).

فالرسول لم يحدد وقتًا، ولم ينقل عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه جعل وقتًا، ولو جعل تحديدًا ووقتًا لذلك لنُقِل؛ لأن ذلك قد اشتهر بين الناس، وكون الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يبين ذلك فيه دليل على أن التوقيت ليس شرطًا؛ لأن هذا


(١) تقدم نقله.
(٢) تقدم تخريجه، وهو عند البخاري أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>