" قوله: (وَلَمْ يُصِبِ ابْنَ مَسْعُودٍ شَيْئًا، فَلَمْ يُنْكِرِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَيْهِمَا ").
واعتمد مجيزو هذه الشركة في الاحتجاج بهذا الأثر:
- أنَّه لا يخفى ذلك على الرسول؛ فقد اشتهرت هذه الحادثة ولم يُنقل عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه أنكرها؛ فدل على جوازها.
- أنه لا يمكن أن يتصرف الصحابة -رضي الله عنهم- في ذلك دون أن يسألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهم أتقى الناس وأشدهم حرصًا على الحلال والورع والزهد في الدنيا، ومن أمثلة ورع وزهد الصحابة؛ ما كان من تورعهم في اقتسام أجر الرقية حتى أتوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسألوه؛ فقال:"أَصَبْتُمُ، اقْتَسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ بِسَهْمٍ"(١).
- أن ابن مسعود وسعدًا وعمارًا من أكابر الصحابة وفقهائهم، فلا يمكن أن يُقْدِموا على عمل يشكون أحلال هو أو حرام.
(١) أخرجه البخاري (٢٢٧٦)، ومسلم (٢٢٠١) ولفظه: عن أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: "انطلق نفر من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفرة سافروها، حتى نزلوا على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم، فلدغ سيد ذلك الحي، فسعوا له بكل شيْءٍ لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا، لعله أن يكون عند بعضهم شيء، فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط، إن سيدنا لدغ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقال بعضهم: نعم، والله إني لأرقي، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلًا. فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق يتفل عليه، ويقرأ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فكأنما نشط من عقال، فانطلق يمشي وما به قلبة، قال: فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه. فقال بعضهم: اقسموا. فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي النبي -صلى الله عليه وسلم- فنذكر له الذي كان، فننظر ما يأمرنا. فقدموا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكروا له، فقال: "وما يدريك أنها رقية؟! ". ثم قال: "قد أصبتم، اقسموا، واضربوا لي معكم سهمًا". فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ".