للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشترط مالك وأحمد (١) اتفاقَ الصنعتين؛ فتكون بين نجار ونجار، خياط وخياط، وهكذا، فلا يجوز اختلاف الصنعتين كخياط مع نجار، أو صائد سمك مع بنَّاء؛ لوجود الغرر في ذلك. فلذلك اشترط مالك وأحمد اتحاد الصنعتين.

* قولُهُ: (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تَجُوزُ مَعَ اخْتِلَافِ الصَّنْعَتَيْنِ (٢)، فَيَشْتَرِكُ عِنْدَهُ الدِّبَاغُ وَالْقِصَارُ، وَلَا يَشْتَرِكَانِ عِنْدَ مَالِكٍ).

القصد بالقصار قصار الثياب، والدباغ الذي يدبغ الجلود.

* قولُهُ: (وَعُمْدَةُ مَالِكٍ: زِيَادَةُ الْغَرَرِ الَّذِي يَكُونُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الصَّنْعَتَيْنِ أَوِ اخْتِلَافِ الْمَكَافي. وَعُمْدَةُ أَبِي حَنِيفَةَ: جَوَازُ الشَّرِكَةِ عَلَى الْعَمَلِ).

يتفق مالك وأحمد في هذه المسألة.

فعمدة مالك وأحمد -كما مر- لتضييق رقعة الغرر الحاصل باختلاف الصنعتين.

قال المصنف رحمه الله تعالى:

(الْقَوْلُ فِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ) (٣)

" الوجوه": جمع وجه؛ كأنه نسبها إلى الوجه؛ والمراد أن شركة


(١) لم يشترط الحنابلة اتفاق الصنعتين لصحتها. يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ٢٣٠) حيث قال: " (ولا يشترط) لصحتها (اتفاق صنعة) الشريكين. فلو اشترك حداد ونجار أو خياط وقصار فيما يتقبلان في ذممهما من عمل صح لاشتراكهما في كسب مباح "، وسبق تبيان المالكية في الحاشية السابقة.
(٢) يُنظر: "الدر المختار" للحصكفي (٤/ ٢٢١، ٢٢٢)، حيث قال: "وتسمى شركة صنائع وأعمال وأبدان (إن اتفق) صانعان (خياطان أو خياط وصباغ) فلا يلزم اتحاد صنعة ومكان ".
(٣) "شركة الوجوه" لغةً: مستقبل كلِّ شيء، جمعه: أوجه، ويطلق أيضًا على سيد القوم، وجمعه: وجوه، وهو كالوجيه من الوجاهة، وجمعه: وجهاء. انظر: "القاموس المحيط" للفير وزآبادي (ص ١٦٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>