للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجوه من الوجاهة، يقال: فلانٌ وجيهٌ، أي: له وجاهة عند قومه. ويقال: "وجهاء القوم" أي: أعالي القوم. ووصف الله سبحانه وتعالى موسى عليه السلام: {وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا}.

فشركة الوجوه كأن الإنسان أخذ فيها بجاهه، وهي شركة لا تقوم على المال، لكن لمعرفة الناس بهذين الرجلين وثقتهم بهما، واتصافهما بالأخلاق الكريمة والسجايا الحسنة كالصدق والأمانة؛ فإن التجار يثقون بهما، فإذا أعطوا الشريكين أو أحدهما بضاعة فلأنهم يرون أنها تساوي من يدفع قيمه وأكثر. وهذا موجود -بحمد الله- عند كثيرٍ من الناس ممن يهبه الله الأمانة والصدق في القول، وإخلاص العمل، والبر والتقوى في كل تصرفاته؛ فمثله يريد له الجار الخير، وهذا من تيسير الله للإنسان عندما يتصف بالخير؛ كما في حديث: "إن الله إذا أحب عبدًا نادى جبريل: إني أحب فلانًا فأحبه؛ فيحبه جبريل، ثم ينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلانًا فأحبوه؛ فيحبه أهل السماء، وبوضعِ له القبول في الأرض. وإنَّ الله إذا أبغض عبدًا نادى جبريل: إني أبغض فلانًا فأبغضه … " الحديث (١).

فالناس إذا عرفوا فلانًا يبيع بالصدق ويتعامل به؛ فإنه يكثر زبائنه، ويتردد الناس عليه. أمَّا إذا عرفوا أنه يمكر بالناس ويخادعهم ويحتال عليهم؛ فإن الناس يبتعدون عنه.


= تعريفها في الاصطلاح:
عرَّفها الأحناف بأنها: أن يشترك وجيهانِ من الناس، من غير أن يكون لهما رأس مال على أن ما يشتريان بذممهما بالنَّسيئة؛ "أي: بمؤجل"، ويبيعان بالنقد بمالِهما من وجاهة عند الناس. انظر: "فتح القدير" للكمال ابن الهمام (٥/ ٣٠).
وعرفها المالكية بأنها: "أن يشتركا على غير مال، ولا عمل، وهي الشركة على الذمم بحيث إذا اشتريا شيئًا كان في ذمتهما، وإذا باعاه اقتسما ربحه ". انظر: "القوانين الفقهية" لابن جزي (ص ١٨٧).
والشافعية والحنابلة يُعرِّفونها بما يطابق هذا المعنى عند الحنفية. انظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٢/ ٢١٢)، و"المغني" لابن قدامة (٥/ ١٢).
(١) أخرجه البخاري (٧٤٨٥)، ومسلم (٢٦٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>