للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا معنى شركة الوجوه أن كلا الشريكين يأخذان بجاههما، أي: بمعرفة التجار لثقتهما؛ فيعطيهم التجار بضاعة لبيع، فيبيعانها وما يكون من الربح فهو بينهما.

* قولُهُ: (وَشَرِكَةُ الْوُجُوهِ عِنْدَ مَالِكٍ (١) وَالشَّافِعِيِّ (٢) بَاطِلَةٌ).

فمالك والشافعي لا يجيزان شركة الوجوه؛ لأنها عندهما لا تقوم على أساس، لكنها عند أبي حنيفة (٣) وأحمد (٤) جائزة.

فينبغي أن ندقق في الأحكام الفقهية، ونعلم أن الشريعة جاءت لتوسع على الناس، ولترفع عنهم الحرج والمشقة، لا لتضيق عليهم، فالله سبحانه وتعالى يبين لنا في القرآن الكريم أنه يريد بنا اليسر، ويريد أن يخفف عنا، قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}، {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ}، {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يدعو الناس ويأمرهم بذلك: "بَشِّروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا" (٥).

فشركة الوجوه بمفهومها القائم على اعتبار الوجاهة من الصدق والأمانة تيسر على الناس، وتتفق بذلك مع روح الشريعة التي تنظر إلى مصالح الناس.

* قولُهُ: (وَهَذِهِ الشَّرِكَةُ هِيَ الشَّرِكَةُ عَلَى الذِّمَمِ مِنْ غَيْرِ صَنْعَةٍ وَلَا مَالٍ).


(١) يُنظر: "حاشية الصاوي" للخلوتي (٣/ ٤٧٧) حيث قال: "ومن ذلك النهي عن شركة الوجوه".
(٢) يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٥/ ٢٨٢) حيث قال: " (وشركة الوجوه بأن يشترك الوجيهان) عند الناس … والكل باطل إذ ليس بينهما مال مشترك ".
(٣) يُنظر: "مختصر القدوري" (ص ١١١)، حيث قال: "وأما شركة الوجوه: فالرجلان يشتركان ولا مال لهما على أن يشتريا بوجوههما ويبيعا فتصح الشركة على هذا".
(٤) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٥/ ٢٢٨) حيث قال: "والضرب الثالث: شركة الوجوه … وتجوز لاشتمالها على مصلحة بلا مضرة".
(٥) أخرجه البخاري (٦٩)، مسلم (١٧٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>