للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا شك أن الشركة من العقود الجائزة وليست عقدًا لازمًا، فلكل واحد من الشريكين أن يفسخها. وأدلة هذه الشركة كما جاء في القرآن الكريم؛ في قولُهُ تعالى: {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} إلى آخر الآية.


= فقيل: الشركة عقد جائز مطلقًا قبل خلط المالين وبعده، وهذا مذهب الجمهور، واختيار ابن رشد الجد، والمصنف من المالكية. يُنظر: مذهب الحنفية "بدائع الصنائع" للكاساني (٦/ ٧٧) حيث قال: "أما صفة عقد الشركة، فهي أنها عقد جائز غير لازم، حثى ينفرد كل واحد منهما بالفسخ، إلا أن من شرط جواز الفسخ أن يكون بحضرة صاحبه، أي: بعلمه، حتى لو فسخ بمحضر من صاحبه جاز الفسخ، وكذا لو كان صاحبه غائبًا، وعلم بالفسخ، وإن كان غائبًا، ولم يبلغه الفسخ؛ لم يجز الفسخ ولم ينفسخ العقد؛ لأن الفسخ من غير علم صاحبه إضرار بصاحبه، ولهذا لم يصح عزل الوكيل من غير علمه، مع أن الشركة تتضمن الوكالة، وعلم الوكيل بالعزل شرط جواز العزل، فكذا في الوكالة التي تضمنته الشركة". وانظر: "غمز عيون البصائر" للحموي (٣/ ٤٣٧).
ومذهب ابن رشد الجد من المالكية ينظر: "المقدمات الممهدات" (٣/ ٤٢) حيث قال: "وهي من العقود الجائزة، لكل واحد من المتشاركين أن ينفصل عن شريكه متى ما أراد، ولا يلزمه البقاء معه على الشركة إلا على التكافي والاعتدال ".
ومذهب الشافعية، ينظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٦/ ٤٨٣، ٤٨٤) حيث قال: "وهذا صحيح، وقد ذكرنا أن عقد الشركة يجري عليه في تصرف كل واحد منهما في حق شريكه حكم الوكالة فيصير عقد الشركة من العقود الجائزة".
ومذهب الحنابلة، ينظر: "مطالب أولي النهى" (٣/ ٤٥٣) حيث قال: " (والوكالة والشركة والمضاربة والمساقاة والمزارعة والوديعة والجعالة) والمسابقة والعارية (عقود جائزة من الطرفين)؛ لأن غايتها إذن وبذل نفع، وكلاهما جائز".
وقيل: الشركة عقد لازم مطلقًا، قبل الشروع وبعده، ويستمر اللزوم إلى أن ينض المال أو يتم العمل الذي تقبل، أو يتفقا على الفسخ.
وهو مذهب المالكية، يُنظر: "حاشية الصاوي" للخلوتي (٣/ ٤٥٧) حيث قال: "قوله: أولزمت به، لزومها بما يدل عليها، قاله ابن يونس وعياض، وهو مذهب ابن القاسم، ومذهب غيره أنها لا تلزم إلا بخلط المالين، انضم لذلك صيغة أم لا. ثم إن ظاهر قولُهُ: (ولزمت به) إلخ ولو كانت شركة زرع، وهو أحد قولين. والآخر: لا تلزم إلا بالعمل المخصوص الذي هو البذر ونحوه كما يأتي. الأول لسحنون، والثاني لابن القاسم. وانظر: "منح الجليل" لعليش (٦/ ٢٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>