للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشفعة تثبت للشريك عند جماهير العلماء إلا أن يقاسم؛ فإذا قسم المال بينهما وعرف كل واحد منهما نصيبه، واستقل به، ورسمت الحدود، فلا شفعة (١)؛ كما في الحديث: "أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال بالشفعة فيما لم يقسم"، وفي بعض الروايات: "في كل ما لم يقسم".

* قولُهُ: (وَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ (٢): الشُّفْعَةُ مُرَتَّبَة، فَأَوْلَى النَّاسِ بِالشُّفْعَةِ).

أهل العراق منهم: ابن أبي ليلي من التابعين، وابن شبرمة والثوري من الفقهاء، وأبو حنيفة.

* قولُهُ: (الشَّرِيكُ الَّذِي لَمْ يُقَاسِمْ).

سبق أن جماهير العلماء والأئمة -مالكًا والشافعى وأحمد- يرون الشفعة للشريك الذي لم يقاسم. أمَّا فقهاء العراق، فيرون الشفعة أوسع من ذلك، وكما تثبت للشريك تثبت للجار؛ فهم يقدمون الشريك أولًا، ثم الشريك غير المقاسم، ثم الشريك المقاسم، ثم الجار إذا كان شريكًا في بعض الطريق، ثم الجار الأقرب فالأقرب.

* قولُهُ: (فَأَوْلَى النَّاسِ بِالشُّفْعَةِ الشَّرِيكُ الَّذِي لَمْ يُقَاسِمْ).

أهل العراق لما وسعوا الشفعة قالوا: إن الشريك المقاسم هو أولى الناس بالشفعة ممن تجوز لهم، وجمهور العلماء كما مر قالوا: إنها لا تثبت إلا للشريك الذي لم يقاسم.


(١) معنى حديث أخرجه البخاري (٢٢١٤)، ومسلم (١٦٠٨)، عن جابر بن عبد الله قال: "قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالشفعة في كل مال لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة".
(٢) يُنظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي" للمرغيناني (٤/ ٣٠٨) حيث قال: "الشفعة واجبة للخليط في نفس المبيع، ثم للخليط في حق المبيع كالشرب والطريق ثم للجار. أفاد هذا اللفظ ثبوت حق الشفعة لكل واحد من هؤلاء وأفاد الترتيب ".

<<  <  ج: ص:  >  >>