للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثاني: الحنفية (١)، والمالكية (٢) يقولون بنجاسته.

وَسَوف تمرُّ معنا أدلة كل فريق، مع ذِكْرِ الخلاف الدائر حول أحاديث عائشة الواردة في هذه المسألة من حيث كونها كانت تغسله من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان رطبًا، وَتَفْركه إذا كان يابسًا (٣).

كَمَا سيمرُّ معنا أن الحنفية (٤) قيدوا أنه إذا كان يابسًا، فإنه يُكتفَى بالفرك؛ ولذلك فإنَّ مَذْهبهم أقل خلافًا من مذهب المالكيَّة في هذه المسألة.

كَذَلك تكون النجاسة من المَذْي، وهو -بلا شكٍّ- نجس، وسيأتي أيضًا الكلام عنه إن شاء الله.


= فطاهر، وكذا مني الآدمي؛ ذكرًا كان أو أنثى عن احتلام أو جماع أو غيرهما، فلا يجب فرك ولا غسل". وانظر: "الإنصاف" للمرداوي (١/ ٣٤٠).
(١) يُنظر: "الدر المختار" و"حاشية ابن عابدين" "رد المحتار" (١/ ٣١٤) حيث قال: "نجاسة المني عندنا مغلظة" سراج، "والعلقة والمضغة نجسان كالمني" "نهاية وزيلعي". وانظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (١/ ٦٠).
(٢) يُنظر: "الشرح الكبير" للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (١/ ٥٦) حيث قال: "ومن النجس (مني ومذي وودي) ولو من مباح الأكل في الثلاثة للاستقذار والاستحالة إلى فساد، ولأن أصلها دم، ولا يلزم من العفو عن أصلها العفو عنها".
(٣) معنى حديث أخرجه مسلم (٢٩٠) عن عبد الله بن شهاب الخولاني، قال: كنت نازلًا على عائشة، فاحتلمت في ثوبي، فغمستهما في الماء، فرأتني جارية لعائشة، فأخبرتها فبعثت إلي عائشة، فقالت: ما حملك على ما صنعت بثوبيك؟ قال: قلت: رأيت ما يرى النائم في منامه. قالت: هل رأيت فيهما شيئًا؟ قلت: لا. قالت: "فلو رأيت شيئًا غسلته، لقد رأيتني وإني لأحكه من ثوب رسول الله ع - صلى الله عليه وسلم - يابسًا بظفري".
(٤) يُنظر: "تحفة الفقهاء"، لأبي بكر السمرقندي (١/ ٧٠)، حيث قال: "لا خلاف أن المني إذا أصاب الثوب وجف، فإنه يطهر بالفرك استحسانًا، وفي القياس لا يطهر، فأما إذا كان رطبًا فلا يطهر إلا بالغسل. وأصله حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لعائشة - رضي الله عنها -: "إذا رأيت المني في ثوبك إن كان رطبًا فاغسليه، وإن كان يابسًا فافركيه".

<<  <  ج: ص:  >  >>