للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لماذا قال المالكية بهذا، ولم يقل به الحنابلة؟ الجواب: لأن المالكية يرون أن القسمة بيع وينطبق عليها ما ينطبق على البيع فتدخل الأمور الربوية، وعند الحنابلة هي إفرازُ حقٍّ، أي: إفراز نصيب كلّ واحد منهما، ولا شكَّ أن الإفراز يختلف عن البيع (١).

* قولُهُ: (وَأَمَّا قِسْمَتُهَا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ: فَفِيهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ أَصْحَابِ مَالِكٍ: أَمَّا ابْنُ القَاسِمِ فَلَا يُجِيزُ ذَلِكَ قَبْلَ الإِبَّارِ (٢) بِحَالٍ مِنَ الأَحْوَالِ، وَيَعْتَلُّ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى بَيْعِ طَعَام بِطَعَامٍ مُتَفَاضِلًا، وَلذَلِكَ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يُجِزْ مَالِكٌ شِرَاءَ الثَّمَرِ الَّذِي لمْ يَطِبْ بِالطَّعَام، لَا نَسِيئَةً وَلَا نَقْدًا، وَأَمَّا إِنْ كَانَ بَعْدَ الِإبَّارِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ إَّلا بِشَرْطِ أَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ أَنَّ مَا وَقَعَ مِنَ الثَّمَرِ فِي نَصِيبِهِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي القِسْمَةِ، وَمَا لَمْ يَدْخُلْ فِي نَصِيبِهِ فَهُمْ فِيهِ عَلَى الشَّرِكَةِ، وَالعِلَّةُ فِي ذَلِكَ عِنْدَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ المُشْتَرِي الثَّمَرَ بَعْدَ الإِبَّارِ وَلَا يَجُوزُ قَبْلَ الإِبَّارِ).

وهذا معروف حتى في البيع فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الثمار


= تقسم الأرض والشجر وتقر الثمر والزرع حتى يحلّ بيعهما، فإذا حلَّ بيعهما فإن أحبوا أن يبيعوا الثمرة والزرع ثم يقتسموا الثمن على فرائض الله فذلك لهم ". انظر: "المدونة " (٤/ ٢٦٨، ٢٦٩).
(١) انظر: المبدع في شرح المقنع (٨/ ٢٣٧)، وفيه: "القسمة إفراز حق أحدهما من الآخر في ظاهر المذهب، وليست بيعًا".
(٢) انظر: "التهذيب في اختصار المدونة"، للبراذعي، (٤/ ١٨٣)، وفيه: "ولا يُقسم البقل القائم بالخرص، وليقسم ثمنه، ولا يقسم شيء مما في رؤوس الشجر من الفواكه والثمار بالخرص، وإن اختلفت فيه الحاجة، إلا في النخل والعنب إذا حلَّ بيعهما واختلفت حاجة أهلهما كما ذكرنا؛ لأن أمر الناس إنما مضى على الخرص فيهما خاصة. وسألت مالكًا عمَّا روي عنه من إجازة ذلك في غيرهما من الفواكه ". و"الإِبار" بكسر الهمزة تلقيح النخل. انظر: "طلبة الطلبة" للنسفي (ص ١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>