للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محددة، وإنما هذه المهايأة اصطلح عليها العلماء لما فيها من المصلحة للطرفين (١)، فكلا من الطرفين يستفيد ويجني الثمرة في ذلك وسواء كان مسكنًا يقيم فيه أو أرضًا يستغلها أو يقيم فيها، أو دابة يستخدمها فترة أو مملوكًا أيضًا يقوم بعمل عنده كبناء أو حرث أو زراعة أو في أمور التجارة أو غير ذلك، فالفائدة قائمة هنا، ولما لم يرد دليل يحدد المدة قالوا: هذا يرجع إلى ما يصطلحان عليه.

* قوله: (وَذَلِكَ فِي الِاغْتِلَالِ، وَالِانْتِفَاعِ. وَأَمَّا فِيمَا لَا يُنْقَلُ وَلَا يُحَوَّلُ: فَيَجُوزُ فِي المُدَّةِ البَعِيدَةِ، وَالأَجْلِ البَعِيدِ، وَذَلِكَ فِي الِاغْتِلَالِ وَالِانْتِفَاعِ).

يعني: المالكية يفرِّقون بين الأراضي الثابتة المستقرة والدور فهذه أمور لا تنقل، وهذه تكون مدتها طويلة، لكن الأشياء التي تُنقل مثل الحيوان والمملوك الذي يتنقل وغير ذلك ينبغي أن يقيَّد بمدَّة ليست بطويلة، ولما كان المالكية دائمًا يعنون بالمصالح المرسلة وكذلك ما يعرف بالقياس المرسل الذي نبَّهَ إليه المؤلف قبل ذلك تجد أنهم يكثرون الفروع في هذا الجانب ويبنون مسائل على المصلحة.

أما الجمهور فإنهم قالوا: لا تحديد في ذلك، ولم يَردْ دليلٌ شرعي


(١) مذهب الأحناف: قال الأوزجندي: "لو تهايأا في نخل أو في شجر على أن يأكل هذا ثمرته سنة ويأكل الآخر سنة أخرى لا يجوز، وكذا الغنام وجميع الحيوانات إذا تهايآ على أن يكون ولدها ولبنها وصوفها سنة لهذا وسنة لآخر لا يجوز". انظر: "فتاوى قاضيخان" (٣/ ٦١).
ومذهب الشافعية، انظر: حاشيتا قليوبي وعميرة (٣/ ٧٣)، وفيه: " (ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ) وَيَجبُ مُرَاعَاةُ النَّصَفَةِ فِي القِسْمَةِ فَلَا تَطُولُ زَمَنًا تَعِي فِيهِ الدَّابَّةُ أَوْ يَشُقُّ عَلَى الآخَرِ مَشَقَّةً شَدِيدَةً، وَإِذَا اقْتَسَمَا بحَسَبِ الزَّمَانِ لَمْ يُحْسَبْ زَمَنُ النُّزُولِ لِنَحْوِ اسْتِرَاحَةٍ، أَوْ عَلَفٍ فَلَهُ الرُّكُوبُ مِنْ نَوْبَةِ الَآخَرِ بِقَدْرِهِ". قَالَهُ شَيْخُنَا.
ومذهب الحنابلة، قال البهوتي: " (وإن اقتسماها)، أي: المنافع (بزمان أو مكان صح) ذلك (جائزًا) غير لازم، سواء عينا مدة أو لا كالعارية من الجهتين، ولكل منهما الرجوع متى شاء". انظر: "شرح منتهى الإرادات" (٣/ ٥٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>