للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتقواه بقوله: {وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ}، ثم قال: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}، فالذين يأكلون أموال الناس أو الذين يتعدَّون عليهم أو الذين يخونون عند الثقة بهم فإن الله سبحانه وتعالى مطلع على أعمالهم، ولذلك جاء بعدها مباشرة {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ}، أي: ما أظهرتم مما كان في نفوسكم أو أكننتم بها فإن الله سبحانه وتعالى به عليم؛ لأنه ما دام أن ما في السماوات وما في الأرض هو ملك الله سبحانه وتعالى فهو عليم بكل شيء، يعلم ما في السماوات وما في الأرض، فهذه الآية دليل على مشروعية الرهن من الكتاب العزيز.

* قوله: (وَالنَّظَرُ فِي هَذَا الكِتَابِ: فِي الأَرْكانِ، وَفِي الشُّرُوطِ، وَفِي الأَحْكَامِ.

وَالأَرْكانُ هِيَ النَّظَرُ فِي الرَّاهِنِ، وَالمَرْهُونِ، وَالمُرْتَهِنِ).

فهناك راهن وهناك مرهون، أي: عين مرهونة، وهي لا تكون إلا في الدين (١)، وهناك مرتهن، أي: الذي يأخذ الرهن، والرهن في الاصطلاح الفقهي كما قلنا: هو المال الذي يُؤخذ وثيقة على الدين، ليطمئن صاحب الدين على حقه في حالة تعذر إيفاء من عليه الحق فيباع هذا الرهن ويؤخذ الحق منه (٢).


(١) قال ابن القطان: "اتفقوا على أن الرهن في السفر في القرض الذي هو إلى أجل مسمى أو في البيع الذي يكون ثمنه إلى أجل مسمى إذا قبضه المرتهن بإذن الراهن قبل تمام البيع وبعد تعاقدهما وعاين الشهود قبض المرتهن له، وكان الرهن مما يجوز بيعه وكان ملكًا صحيحًا فإنه رهن صحيح". انظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" (٢/ ١٩٢).
(٢) انظر: "المطلع على ألفاظ المقنع"، لأبي عبد الله البعلي (ص ٢٩٦).
مذهب الحنفية: أن الرهن شرعًا (حبس شيء مالي)، أي: جعله محبوسًا؛ لأن الحابس هو المرتهن. انظر: "الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) " (٦/ ٤٧٧).
ومذهب المالكية، انظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي" (٢٣١٣)، وفيه: " (الرهن بذل)، أي: إعطاء (من له البيع) صحة ولزومًا (ما يباع) من كل طاهر منتفع به مقدور على تسليمه معلوم غير منهي عنه.
مذهب الشافعية: انظر: "فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب" (١/ ٢٢٦)، وفيه:=

<<  <  ج: ص:  >  >>