للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولقَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ" (١).

ولَا شكَّ أنَّ المؤمنَ يَنْبغى عليه أن يَقْتَصِرَ فى أمر عبادتِهِ على ما وَرَدَ النَّصُّ به.

• قوله: (بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِي العِبَادَاتِ).

والعِبَادَاتُ هَاهنا لا يُقْصَد بها أمر التَّوحيد الَّذي هو رُكْنُ الدِّين وأصلُهُ، وإنَّما يُقْصَد بها العبادات العمليَّة التي يُؤدِّيها المسلم كالصَّلاة والزَّكاة والصِّيام والحج.

فَالصَّلاةُ عبادةٌ، والوُضُوءُ إنَّما هو مقدِّمةٌ من مُقدِّماتها، ولذَا فَالعُلَماءُ يُجْمِعُون على أنَّه عبادةٌ؟ لكَوْنه من مقدِّمات إحْدَى العبَادَات علَى خِلَافٍ فيما إذَا كان الوُضُوِءُ عبادةً محضةً أَمْ غير مَحْضةٍ (٢)، وعَلَى خِلَافٍ كَذَلكَ في النيَّة فيما إذا كَانت شرطًا من شُرُوط صحَّة الوُضُوء أم لا (٣).

أمَّا ما ذَكَره المؤلِّف من الاتفاق على اشْتِرَاطِ النية في العبادات، فَهَذا الكلام ليس على إطلاقه، وإنَّما فيه تفصيلٌ.


(١) أخرجه أبو داود (٤٦٠٧)، والترمذي (٢٦٧٦)، وقال: حسنٌ صحيحٌ … وابن ماجه (٤٢)، وصَحَّحه الأَلْبَانيُّ في "إرواء الغليل" (٢٤٥٥).
(٢) مذهب الحنفية، يُنظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (١/ ١٦٠) حيث قال: "وأما الوضوء فطهارة مخصوصةٌ شرطت لاستباحة الصلاة، وليس بعبادةٍ محضةٍ، لكنه يصير عبادةً بالنية". مذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (١/ ١٦٧) حيث قال: "ولأنَّ الوضوءَ عبادةٌ محضةٌ".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "الكافي" لابن قدامة (١/ ٥٥) حيث قال: "النيَّة: وهي شَرطٌ لطهارة الأحدث كلها، الغسل، والوضوء، والتيمم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنيَّات، وإنما لكلِّ امرئٍ ما نوى"، متفق عليه، ولأنها عبادة محضة، فلم تصحَّ من غير نِيَّةٍ، كالصلاة".
(٣) سبق التنبيه على هذه المسألة.

<<  <  ج: ص:  >  >>