للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهاهنا تجدُرُ الإشارة إلى أن مسألة النية مسألة خطيرةٌ، ولا جدالَ في أهميتها وعِظَمِها، ومن دلائل خطورتها أنها تنبني عليها مسائلُ مهمةٌ عِدَّةٌ، منها على سبيل المثال:

* لَوْ أن إنسانًا توضأ الوضوءَ المعروفَ دون أن يَنْوِيَ به أيَّ شيءٍ، لا الطهارة الشرعيَّة، ولا التبَرُّد، ولا غيرهما، فالعلماء (١) على أنَ هذَا الوضوءَ المطلَقَ لا يرفع حَدَثه؛ لأنه افتَقَرَ إلى نية رَفْعِ الحدث.

* ولَوْ أنَّ إنسانًا نوَى تجديدَ الوُضُوء، فتوضَّأ الوضوءَ المعروفَ، ثمَّ تَبيَّن بعد ذلك أنه مُحدِثٌ، فبَعْضُ العلماء (٢) قال بعَدَم كفاية هذا الوضوء،


(١) مذهب الأحناف، يُنظر: "رد المحتار" لابن عابدين (١/ ١٠٧) حيث قال: " (قوله: وصرَّحوا بأنه بدونها)، أَيْ: الوضوء بدون النية ليس عبادةً، وذلك كأن دخل الماء مدفوعًا أو مختارًا لقصد التبَرُّد، أو لمجرد إزالة الوسخ كما في "الفتح".
مذهب المالكية، يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب (١/ ٢٣٥): "ص (وإن مع تبرد)، ش: يعني أن النية المذكورة إذا صَحبَها قصد التبرد، فإنها صحيحةٌ، ولا يضرُّها ما صحبها، وبذلك صدر في "الذخيرة" ناقلًا له عن المازري وهو مفهوم قَوْله في "المدونة": ومَنْ توضأ لحرٍّ يجده لا ينوي به غيره، لم تجزه لصلاة فريضةٍ، ولا نافلةٍ، ولا مس مصحفٍ. انتهى".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (١/ ١٧٠) حيث قال: "فإن فقد النية المعتجرة كأن نوَى التَّبرُّد أو نحوه، وقد غفل عنها، لم يصحَّ غسل ما غسله بنية التبَرُّد ونحوه، وللزمه إعادته دون استئناف الطهارة".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "الإنصاف" للمرداوي (١/ ١٤٨) حيث قال: "ومنها: لو نوى طهارةً مطلقةً، أو وضوءًا مطلقًا عليه، لم يصحَّ على الصَّحيح".
(٢) مذهب الحنفية، يُنظر: "الدر المختار" لابن عابدين (١/ ١٠٧) حيث قال: "بقي هنا شيء، وهو أنه إذا أراد تجديد الوضوء لا ينوي إزالة الحدث، ولا إباحة الصلاة، ويمكن دفعه بأن ينوي التجديد، فإنه مندوبٌ إليه، فيكون عبادة".
مذهب المالكية، يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب (١/ ٢٣٩) حيث قال: "مَن اعتقد أنه علَى وضوءٍ، فتوضَّأ بنية التجديد، ثم تبيَّن أنه محدثٌ، فالمشهور أنه لا يجزئه؛ لكونه لم يقصد بوضوئه رفع الحدث، وإنما قصد به الفضيلة. وقيل: يُجْزئه؛ لأن نيَّته أن تكونَ على أكمل الحالات، وذلك مُسْتلزمٌ رفع الحدث". =

<<  <  ج: ص:  >  >>