للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَوْله: (وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ (١): " أنَّ رَجُلًا أُصِيبَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ فِي ثَمَرٍ ابْتَاعَهَا، فَكَثُرَ دَيْنُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ "، فَتَصَدَّقَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءً بِدَيْنِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ، وَلَيْسَ لَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ ").

فَهَذا رجلٌ أصيب في ماله، فطَلَب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الناس أن يتصدقوا عليه، فلم يُغطِّ ما جُمِعَ له ما عليه من الديون، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "خذوا ما عنده، وليس لكم إلا ذلك ".

قَوْله: (وَحَدِيثُ عُمَرَ (٢) فِي القَضَاءِ عَلَى الرَّجُلِ المُفْلِسِ فِي حَبْسِهِ؛ وَقَوْلُهُ فِيهِ: "أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الأُسَيْفِعَ (أُسَيْفِعَ جُهَيْنَةَ) رَضِيَ مِنْ دَيْنِهِ وَأَمَانَتِهِ بِأَنْ يُقَالَ: سَبَقَ الحَاجَّ، وَأَنَّهُ ادَّانَ مُعْرِضًا، فَأَصْبَحَ قَدْ رِينَ عَلَيْهِ، فَمَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا).

هذا الأثر أورده كثيرٌ من أصحاب كتب الحديث، منهم الإمام مالك والبيهقي في "السنن الكبرى" (٣)، وغيرهم (٤)، وهو أثر مشهور صحَّ عن عمر - رضي الله عنه -، فيه أن رجلًا من جهينة كان يفاخر بماله، فكان يسبق الحجاج فيشتري الرواحل، فيُغَالي في ثمنها، ثم يُسْرع السير يسبقهم إلى الحاج ليقال: إنَّ فلانًا سبق إلى الحج، فما كان منه إلا أن أفلس وأحاط به الدَّين، فرُفِعَ أمره إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فقام في الناس خطيبًا، فَحَمد الله وأثنى عليه، ثم قال: " ألا إن الأسيفع أسيفع جهينة قد رضي من دينه وأمانته أن يقال: سبق الحاج، وإنه بذلك دان معرضًا - أيْ: أخَذ المال غير مهتمٍّ به، ولا مُبَالٍ به - وقد دين به "؛ أيْ: أحَاط الغرماء


(١) أخرجه مسلم (١٥٥٦).
(٢) أخرجه مالك في "الموطأ" (٨) قال الأَلْبَانيُّ في "إرواء الغليل" (١٤٣٦): "وهذا إسناد محتمل للتحسين ".
(٣) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (٦/ ٤٩).
(٤) كابن أبي شيبة في "المصنف" (٤/ ٥٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>