للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنَّ مَا كَانَ مِنْهَا غَيْرَ وَاجِبٍ بِالشَّرْعِ، بَلْ بِالِالتِزَامِ كَالهِبَاتِ، وَالصَّدَقَاتِ فَلَا مُحَاصَّةَ فِيهَا).

هذا شيء أوجبه الإنسان على نفسه؛ لأن الإنسان عندما يتصدق أو يعطي أو يهب، فهو لا يأخذ مقابلًا إلا هدية الثواب.

قوله: (وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْهَا وَاجِبًا بِالشَّرْعِ كنَفَقَةِ الآبَاءِ وَالأَبْنَاءِ، فَفِيهَا قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ المُحَاصَّةَ لَا تجِبُ بِهَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ القَاسِمِ. وَالثَّانِي: أَنَّهَا تجِبُ بِهَا إِذَا لَزِمَتْ بِحُكْمٍ مِنَ السُّلْطَانِ، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ) (١).

والرأي الأول هو الصحيح، وقد مر بنا، وفسرنا القول بما يتعلق بالنفقة وتقسيم المفلس إلى قسمين: مفلس يكتسب، ومفلس غير مكتسب.

قوْله: (وَأَمَّا النَّظَرُ الخَامِسُ (وَهُوَ مَعْرِفَةُ وَجْهِ التَّحَاصِّ): فَإِنَّ الحُكْمَ فِي ذَلِكَ أَنْ يُصْرَفَ مَالُ الغَرِيمِ مِنْ جِنْسِ دُيُونِ الغُرَمَاءِ).

الغُرَمَاء قد تَخْتلف ديونهم؛ بعضهم دَيْنه قرب، وهذا دينه من عروض التجارة، وعروض التجارة أنواع كثيرة جدًّا، فهل يَكُون السداد من نفس النوع أو لا؟ هذا هو مُرَاد المؤلف.

قوْله: (وَسَوَاءٌ أَكَانَ مَالُ الغُرَمَاءِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَوْ مِنْ أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ؛ إِذْ كَانَ لَا يَقْتَضِي فِي الدُّيُونِ إِلَّا مَا هُوَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ إِلَّا أَنْ


(١) يُنظر: "مناهج التحصيل" للرجراجي (٨/ ٢١٤) حيث قال: "فأما ما كان منها واجبًا بالشرع، وإنْ لم تلتزم؛ كنفقة الآباء، والأبناء، وما تحمله العاقلة من الدية، فاختلف فيه على قولين قائمين من "المدونة"، أحدهما: أن المحاصة لا تجب بها، وهو قول ابن القاسم. والثاني: أن المحاصة تجب بها إذا لزمت بحكم السلطان، وهو قول أشهب ".

<<  <  ج: ص:  >  >>