للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البُيُوعِ قِيلَ: إِنَّهُ يَجُوزُ إِذَا وَقَعَ، وَقَالَ ابْنُ المَاجِشُونِ (١): يُفْسَخُ إِذَا وَقَعَ عَلَيْهِ أَثَرُ (٢) عَقْدِهِ، فَإِنْ طَالَ مَضَى).

وجه الجواز، بيناه في المسألة السابقة أن كلًّا منهما يعتقد أن يهب صاحبه، فلا يرتكب محظورًا، وللشبهة ومراعاة الخلاف في المسألة قال بعض المالكية: إذا وقع حُكِم بنفاذه.

واختار ابن الماجشون أنه يُفسخ إلا إذا طال الزمان، ووجه التفريق ظاهر؛ فإن في فسخ المصالحات المتعاقبة، والغالب تصرف الطرفين فيما صولحوا به فيه مفسدة عظيمة، فدُرِئت بالإمضاء مع ما فيه من شبهة؛ إذ شأن الفقهاء التساهل بعد وقوع العمل (٣).

قوله: (فَالصُّلْحُ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ مِمَّا لَا يَجُوزُ فِي البُيُوعِ هُوَ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ (٤): صُلْحٌ يُفْسَخُ بِاتِّفَاقٍ).

هذه العبارة تلخص ما سبق بيانه: فالذي يُفسخ باتِّفاق إذا كان المكروه من الطرفين؛ فهو على دعوى كلٍّ منهما باطل كالصلح على دراهم حالة بدنانير نسيئة مع إقرار الطرفين.


(١) يُنظر: "المقدمات الممهدات" لابن رشد (٢/ ٥١٩) حيث قال: "وأما الصلح المكروه فقيل إنه يجوز إذا وقع، وقال ابن الماجشون يفسخ إذا عثر عليه بحدثانه ما لم يطل ".
(٢) لعل صوابها: "إثرَ"، بمعنى: عقب العق، بخلاف التأخير.
(٣) يُنظر: "أسهل المدارك" شرح إرشاد السالك في مذهب إمام الأئمة مالك"" للكشناوي (١/ ٤٤٩). حيث قال: "قال شيخ مشايخنا محمد علي المالكي في إيضاح المناسك، فلو نوى الإحرام بنافلة انعقد نافلة وحرم عليه ذلك ولم يجزه عن الفرض. قال وعند الشافعية يقع فرضًا، ولو نوى النفل فالأسهل تقليدهم بعد الوقوع بلا مراعاة لهم في شروط الحج، لجواز التقليد بعد الوقوع، وجواز التلفيق كما في حاشية الخرشي ".
(٤) يُنظر: "المقدمات الممهدات" لابن رشد (٢/ ٥١٩) حيث قال: " فقف على أنها ثلاثة وجوه: وجه يفسخ فيه الصلح باتفاق. ووجه يفسخ فيه على اختلاف. ووجه لا يفسخ فيه باتفاق إلا أن يعثر عليه بحدثانه فيفسخ على اختلاف ".

<<  <  ج: ص:  >  >>