للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذا من باب التعاون على الخير والبر والتقوى؛ لأن هذا مما يعين فيه المسلم أخاه المسلم، ولذلك عني بها الفقهاء، ووضعوا لها كتابًا مستقلًّا درسوا فيه ما يتعلق بأحكامها.

قوله: (وَاخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي نَوْعِهَا وَفِي وَقْتِهَا، وَفِي الحُكْمِ اللَّازِمِ عَنْهَا، وَفِي شُرُوطِهَا، وَفِي صِفَةِ لُزُومِهَا، وَفِي مَحِلِّهَا، وَلَهَا أَسْمَاءٌ: كفَالَةٌ، وَحَمَالَةٌ، وَضَمَانَةٌ، وَزَعَامَةٌ).

كثيرًا ما يذكر المؤلف -رحمه الله - الحمالة (١)؛ لأن هذا مشتهر في الفقه المالكي، والمراد بها الكفالة، ومعنى الكفالة: أن يتحمل إنسان عن غيره حقًّا، إذًا هي حمالة، وفي نفس الوقت كفالة، وهي أيضًا ضمان؛ لأنَّه ضمنه أيْ: ضمن له الحقَّ، وتسمى زعامةً أخذًا من الحديث: "العاريَّة مؤداة، والزعيم غارم" (٢)، وهذا جاءت الإشارة إليه في خطبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع.

قوله: (فَأَمَّا أَنْوَاعُهَا: فَنَوْعَانِ: حَمَالَةٌ بِالنَّفْسِ، وَحَمَالَةٌ بِالمَالِ).

حَمَالَةٌ بالنفس: قد يتحمَّل الإنسان بالمال، فيكفل هذا الإنسان، ويكون ضمينًا إذا لم يسدد أو تعذر، فإنَّه يقوم بتسديد ذلك الحق عنه.

وهل يَتَرتب على الكفالة بالنفس أن يؤدي عنه؟ سيأتي الخلاف في ذلك.

قوْله: (أَمَّا الحَمَالَةُ بِالمَالِ: فَثَابِتَةٌ بِالسُّنَّةِ (٣)، وَمُجْمَعٌ عَلَيْهَا مِنَ الصَّدْرِ الأَوَّلِ وَمِنْ فُقَهَاءِ الأَمْصَارِ (٤). وَحُكِيَ عَنْ قَوْمٍ أَنَّهَا لَيْسَتْ لَازِمَةً


(١) "الحمالة": التزام دَيْنٍ لا يسقطه أو طلب مَنْ هو عليه لمَنْ هو له. انظر "مختصر ابن عرفة" (٦/ ٥٠٠).
(٢) أخرجه الترمذي (١٢٦٥)، وصححه الأَلْبَانيُّ في "صحيح الجامع" (٢/ ٧٥٧).
(٣) كما في قوله: "الزعيم غارم "، وتقدم تخريجه.
(٤) قال ابن هبيرة في "اختلاف الأئمة العلماء" (١/ ٤٣٩): "اتفقوا على جواز الضمان،=

<<  <  ج: ص:  >  >>