للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحنفية يقولون: هو تحمل إحضار النفس لا أنه تحمل أن يدفع أو يغرم المبلغ أي: الحق المستحق للمدين، إذًا، هو أدى ما عليه، فغايته أن يأتى به، ويسلمه لصاحب الحق، لكن لا يدفع عنه؛ لأنَّ هذا يختص بالملتزم مالًا أي: الضامن مالًا، لَكن الكفيل بالنفس لو التزم بأنَّه في حالة عدم دفع المكفول به، فإنَّه يدفع عنه، فَهُوَ حِينَئذٍ يكون ملزمًا بذلك.

قوْله: (فَلَيْسَ يَجِبُ أَنْ يُعَدَّى ذَلِكَ إِلَى المَالِ إِلَّا لَوْ شَرَطَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: " المُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ " (١)، فَإِنَّمَا عَلَيْهِ أن يُحْضِرَ المَالَ أَوْ يُحْبَسَ فِيهِ).

أبو حنيفة يقول: إما أن يحضره إلى مَنْ دفع له الحق، وإن لم يحضره، يحبس إلى أن يأتي به.

قوْله: (كَذَلِكَ الأَمْرُ فِي ضَمَانِ الوَجْهِ. وَعُمْدَةُ الفَرِيقِ الثَّالِثِ: أَنَّهُ إِنَّمَا يَلْزَمُهُ إِحْضَارُهُ إِذَا كَانَ إِحْضَارُهُ لَهُ مِمَّا يُمْكِنُ، وَحِينَئِذٍ يُحْبَسُ إِذَا لَمْ يُحْضِرْهُ).

يقول الله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] فكيف يُكلَّف إنسان بأن يبحث عن إنسانٍ اختفى في زوايا الأرض لا يُدرى أين هو، هذا فيه مشقة، لكن لو كان يعرف مكانه سواء كان في البلد الذي يقيم فيها أو في أخرى، فإن عليه أن يأتي به وَإِنْ لم يفعل يحبس، لكن كونه لا يعرف ذلك، فماذا يفعل؟ هل يقضي زمانه وحياته في البحث عنه.

قوله: (وَأَمَّا إذا عَلِمَ أَنَّ إِحْضَارَهُ لَهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَلَيْسَ يَجِبُ عَلَيْهِ إِحْضَارُهُ كمَا أَنَّهُ إِذَا مَاتَ لَيْسَ عَلَيْهِ إِحْضَارُهُ. قَالُوا: وَمَنْ ضَمِنَ الوَجْهَ


(١) أخرجه أبو داود (٣٥٩٤)، وَصَحَّحه الأَلْبَانيُّ في "إرواء الغليل" (٥/ ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>