للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذًا، أبو حنيفة له قولان: في الحدود والقصاص أو في القصاص وحدَه، وخالفه صاحباه في ذلك (١).

قوله: (وَأَمَّا وَقْتُ وُجُوبِ الكَفَالَةِ بِالمَالِ، أَعْنِي مُطَالَبَتَهُ بِالكَفِيلِ: فَأَجْمَعَ العُلَمَاءُ (٢) عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ ثُبُوتِ الحَقِّ عَلَى المَكْفُولِ؛ إِمَّا بِإِقْرَارٍ وَإِمَّا بِبَيِّنَةٍ، وَأَمَّا وَقْتُ وُجُوبِ الكَفَالَةِ بِالوَجْهِ، فَاخْتَلَفُوا هَلْ تَلْزَمُ قَبْلَ إِثْبَاتِ الحَقِّ أَمْ لَا).

يكون بعد ثبوت الحق لا قبله؛ لأنَّه يطلب الكفيل بعد أن يثبت الحق، وسيأتي الخلاف بالنسبة لكفالة النفس هل يجوز تقديمها أو لا؟ والمؤلف هنا لم يعرض الخلاف إلا في داخل مذهب مالك.

قوله: (فَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّهَا لَا تَلْزَمُ قَبْلَ إِثْبَاتِ الحَقِّ بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ).

هذا هو الأصل؛ أنها لا تلزم إلا بعد ثبوت الحق، فإذا ثبت الحق فحينئذٍ يطلب، وبعض العلماء يقولون: هي تطلب قبل ذلك ليتوثق صاحب الحق.

قوله: (وَهُوَ قَوْلُ شُرَيْحٍ القَاضِي وَالشَّعْبِيِّ) (٣).

الشَّعبيُّ هو أحد التابعين، وهو الذي وجَّه أبا حنيفة -رحمه الله - إلى الاشتغال بالعلم.


(١) يُنظر: "مختصر القدوري" (ص ٩١) حيث قال: "ولا يجوز الكفالة بالنفس في الحدود والقصاص عند أبي حنيفة، وقالا: يجوز"، وينظر "اللباب" للميداني (٢/ ١٥٤) حيث قال: "المشهور من قول علمائنا أن الكفالة بالنفس في الحدود والقصاص جائزة في اختيار المطلوب، أما القاضي لا يجبره على إعطاء الكفيل ".
(٢) يُنظر: "مراتب الإجماع" لابن حزم (ص ٦٢) حيث قال: " اتفقوا أن ضمان ما لم يجب قط ولا وجب على المرء لا يجوز".
(٣) لم أقف عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>