للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذًا، الرسول - صلى الله عليه وسلم - و كان يحتاط.

وليس معنى هذا أن الذي عليه دين لا يصلى عليه، لكن هذا يُعْلِمُنا خطورة الدين الذي كثيرًا ما تكلمنا عنه، فالدَّين أمره ليس بسهل.

إذًا، الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يتوقف حتى يقال له: لا دين عليه.

وتدلُّ على ذلك أيضًا قصة أبي قتادة، فإنه قال: " عليَّ يا رسول الله " (١)، ولذلك طلب منه الرسول - صلى الله عليه وسلم - الوفاءُ فوفي، فقال: " الآن برد جلده " (٢)، وفي بعض الروايات: "برد عليه قبره " (٣).

فالأمر شديد، فقد سُدد عنه الدَّين وبرد عليه جلده أو قبره، وهؤلاء مَن كانوا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! فدل هذا على خطورة الدَّين، وعدم التساهل فيه، وبخاصة الذين يأخذون حقوق الناس وبإمكانهم أن يردوها، أما من يكون صاحب عثرة، فالله تعالى يقول: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠].

قوله: (فَأَجَازَهُ مَالِكٌ (٤) وَالشَّافِعِيُّ (٥)).


= أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يؤتى بالرجل المتوفى، عليه الدين، فيسأل: "هل ترك لدينه فضلًا؟ "، فإن حدث أنه ترك لدينه وفاء صلى، وإلا قال للمسلمين: "صلوا على صاحبكم "، فلما فتح الله عليه الفتوح، قال: "أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي من المؤمنين فترك دينًا، فعلي قضاؤه، ومن ترك مالًا فلورثته ".
(١) أخرجه البخاري (٢٢٨٩).
(٢) أخرجه أحمد (١٤٥٣٦)، وغيره، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (٢٧٥٣).
(٣) أخرجه الدارقطني (٣/ ٧٩)، وقال ابن الملقن في "البدر المنير" (٦/ ٧١٥): "ولفظ الدارقطني: "قبره" بدل "جلده"".
(٤) يُنظر: "الشرح الكبير للشيخ للدردير وحاشية الدسوقي" (٣/ ٣٣١) حيث قال: "وصح الضمان (عن الميت المفلس) بسكون الفاء وكسر اللام، أي: المعسر بمعنى الحمل عنه؛ لأنه معروف من الضامن، وخص المفلس بذلك ".
(٥) يُنظر: "نهاية المحتاج" لشمس الدين الرملي (٤/ ٤٣٣) حيث قال: "قوله: حتى يقضى عنه؛ أي: أو يضمن عنه، أي: والصورة أنه لم يخلف وفاء على ما مر (قوله: على =

<<  <  ج: ص:  >  >>