للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (وَالَّذِينَ مَنَعُوهَا فِي ذَلِكَ رَأَوْا أَنَّهَا مِنْ بَابِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفي، لِأَنَّهُ بَاعَ الطَّعَامَ الَّذِي كانَ لَهُ عَلَى غَرِيمِهِ بِالطَّعَامِ الَّذِي كانَ عَلَيْهِ).

ولكن الذين أجازوا ذلك قالوا: إن هذا عقد مستثنًى، ظاهره أنه بيع دَيْن بدِيْن، فجاءت السنة فخصصته؛ فأصبحت الحوالة مخصصة من المنع على القول بيع دين بدين، أو هو عقد إرفاق، والإرفاق يقوم على التيسير.

قوله: (وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ مِنْ غَرِيمِهِ؛ وَأَجَازَ ذَلِكَ مَالِكٌ (١) إِذَا كَانَ الطَّعَامَانِ كلَاهُمَا مِنْ قَرْضٍ إِذَا كَانَ دَيْنُ الْمُحَالِ حَالًّا. وَأَمَّا إِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ سَلَمٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الدَّيْنَانِ حَالَّيْنِ؛ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ (٢) يَجُوزُ ذَلِكَ إِذَا كانَ الدَّيْنُ الْمُحَالُ بِهِ حَالًّا؛ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ (٣)، لِأَنَّهُ كَالْبَيْعِ فِي ضَمَانِ


(١) يُنظر: "الشرح الكبير للشيخ للدردير وحاشية الدسوقي" (٣/ ٣٢٧، ٣٢٨) حيث قال: " (وأن لا يكون)، أي: الدينان المحال به وعليه (طعامًا من بيع)، أي: سلم لئلا يدخله بيع الطعام قبل قبضه وسواء اتفقت رؤوس الأموال أو اختلفت وشمل كلامه ما إذا كان أحدهما من بيع والآخر من قرض فتجوز إذا حل المحال به فقط أخذًا مما قدمه، وهو قول جميع الأصحاب إلا ابن القاسم، فاشترط حلول المحال عليه أيضًا ابن عرفة الصقلي، وقولهم أصوب؛ فلذا مشى عليه المصنف هنا، وقال بعضهم: كلا القولين ضعيف، وأن المذهب قول ابن رشد بالمنع مطلقًا، وهو الذي قدمه المصنف في البيع حيث قال: وجاز البيع قبل القبض إلا في مطلق طعام المعاوضة".
(٢) يُنظر: "الشرح الكبير للشيخ للدردير وحاشية الدسوقي" (٣/ ٣٢٨) حيث قال: "إلا ابن القاسم، فاشترط حلول المحال عليه أيضا ابن عرفة الصقلي، وقولهم أصوب فلذا مشى عليه المصنف هنا".
(٣) يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٥/ ٢٢٩) حيث قال: "ثم وصف الدين ولم يبال بالفاصل؛ لأنه غير أجنبي بقوله: (المثلي) كالنقد والحبوب وقيل: لا تصح إلا بالأثمان خاصة (وكذا المتقوم) بكسر الواو (في الأصح) لثبوته في الذمة ولزومه".

<<  <  ج: ص:  >  >>