للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذًا فالوكالة هي عقد كسائر العقود، يتمُّ فيها تعيين المتعاقدين، وتعيين المتعاقَدِ عليه، وأجَل العقد، ونحو هذا، فلا بد من تعيين هذه الأشياء حتى يرتفع الخلافُ.

وقوله: (يَلْزَمُ بِالإِيجَابِ وَالقَبُولِ … ).

ليس معناه الوجوب، فالوَكالة في الأصل عقد جائز، ويجوز لكلِّ واحد من الطرفين أن يفسخه -إلا أن تكونَ الوَكالة في خصومة قد شارفت على الانتهاء فلا يجوز فسخها قبل انقضاء الخصومة والفصل فيها، فهذه مسألة يستثنيها العلماء- وإنَّما يعني بقوله: (يلزم) أنها لا تصحُّ إلا بإيجاب وقبول، فلا يصحُّ أن يوكِّل إنسان آخر دون أن يحصل منه إيجاب ولا أن يتوكل إنسان عن آخر دون أن يحصل منه قبول على الوكالة.

قوله: (وَلَيْسَتْ هِيَ مِنَ العُقُودِ اللَّازِمَةِ بَلِ الجَائِزَةِ) (١).


=مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٣/ ٤٦١) حيث قال: " (وتصح) الوكالة، أي: إيجابها (بكل قول يدل على الإذن) في التصرف (كوكلتك أو فوضت إليك) في كذا (أو أذنت لك فيه، أو بعه، أو أعتقه، أو كاتبه ونحو ذلك) كأقمتك مقامي، أو جعلتك نائبًا عني؛ لأنه لفظ دالٌّ على الإذن فصح كلفظها الصريح قال في الفروع: ودل كلام القاضي على انعقادها بفعل دال، كبيع وهو ظاهر كلام الشيخ فيمن دفع ثوبه إلى قصار أو خياط وهو أظهر كالقبول" انتهى.
(١) وهذا باتفاق الفقهاء؛ لأن الوكالة تبرع ولا لزوم في التبرعات.
مذهب الحنفية، يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٣٧١٦) حيث قال: "وأما بيان ما يخرج به الوكيل عن الوكالة: فنقول وباللّه التوفيق: الوكيل يخرج عن الوكالة بأشياء (منها): عزل الموكل إياه ونهيه؛ لأن الوكالة عقد غير لازم ".
مذهب المالكية ينظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي" (٣/ ٣٩٦ - ٣٩٧) حيث قال: " (وهل لا تلزم) الوكالة مطلقًا وقعت بأجرة أو جعل أو لا؛ إذ هي من العقود الجائزة كالقضاء (أو إن وقعت بأجرة) كتوكيله على عمل معين بأجرة معلومة".
مذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٢٥٧٣) حيث قال: " (فصل) الوكالة ولو بجعل (جائزة من الجانبين)، أي: من جانب الموكل؛ لأنه قد يرى المصلحة في ترك ما وكل فيه أو في توكيل آخر، ومن جانب الوكيل؛ لأنه قد لا=

<<  <  ج: ص:  >  >>