للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهاهنا مسألة مهمة من أحكام الوكيل، وهي إذا وكَّل إنسان آخرَ في بيع شيء فهل له أن يبيعه لنفسه؟ وأن يشتريه هو؟ كأن يوكِّل إنسان آخر، ليبيع له دارًا، فهل له أن يشتري تلك الدار لنفسه؟ سيأتي ذكر الخلاف في هذه المسألة.

قوله: (فَقَالَ مَالِكٌ: "يَجُوزُ") (١).

وهي كذلك رواية للإمام أحمد (٢)، لكن الإمام أحمد قيَّد ذلك بشرطين:

الشرط الأول: أن يكون المنادي غير هذا الوصي، والمراد بالمنادي، أي: مَن يعلن عن البيع ويعرض السلعة للبيع، فكأنه كالذي ينادي على السلعة: من يشتري هذه السلعة؟

الشرط الثاني: أن يشتريها بثمن أكثر من ثمنها وقت الإعلان عنها، أي: وقت النداء؛ حتى لا يتهم بأنه بر نفسه بذلك.

قوله: (وَقَدْ قِيلَ عَنْهُ: لَا يَجُوزُ (٣)، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: "لَا يَجُوزُ" (٤)).


(١) يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب (٦/ ٤٠٢) حيث قال: "قال القرطبي في تفسير سورة البقرة، في قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى} [البقرة: ٢٢٠]، اختلف هل له أن يشتري لنفسه من مال يتيمه، فقال مالك: يشتري في مشهور الأقوال ". وانظر: "القوانين الفقهية" لابن جزي (ص ٢١٦).
(٢) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٥/ ٨٥) حيث قال: "يجوز لهما -أي: للوكيل والوصي- أن يشتريا بشرطين؛ أحدهما: أن يزيدا على مبلغ ثمنه في النداء، والثاني: أن يتولى النداء غيره .. ". فالغاية من اشتراط الشرطين انتفاء التهمة، وعدم محاباة النفس في تقدير الثمن.
(٣) يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب (٦/ ٤٠٢) حيث قال: "والقول الثاني: أنه لا ينبغي أن يشتري مما تحت يده شيئًا لما يلحقه من التهمة إلا أن يكون البيع في ذلك بيع سلطان في ملأ من الناس ".
(٤) يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٥/ ٣١٨) قال: " (ولا يبيع لنفسه) وإن أذن له وقدر له الثمن ونهاه عن الزيادة خلافًا لابن الرفعة وقوله اتحاد الطرفين عند انتفاء التهمة =

<<  <  ج: ص:  >  >>