للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو قول أبي حنيفة (١)، وهي الرواية المشهورة عن الإمام أحمد (٢).

إذًا القول الثاني هو قول الجمهور، أنه لا يجوز للموكَّل أن يشتري لنفسه، حتى لو توفَّر الشرطان المذكوران آنفًا؛ قالوا: لأن شراءه لنفسه محل تُهمة وينبغي للمسلم أن يترفع عنها، وأن يتوقَّى مواطن الريبة لقول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "دَعْ ما يُريبك إلى ما لا يُريبك" (٣)، فينبغي ألَّا يوقع المسلم نفسه في مثل هذا الأمر.

قوله: (وَكَذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ) (٤).

فالوصيُّ مثل الوكيل تمامًا عند الإمام أحمد (٥).

لكن أبا حنيفة رحمه الله تعالى خالفَ في الوصيِّ ولم يجعله كالوكيل، فجوَّز أبو حنيفة -رحمه الله- لوصيِّ اليتيم أن يشتري لنفسه ما يبيعه


= جائز بعيد من كلامهم؛ لأن علة منع الاتحاد ليست التهمة بل عدم انتظار الإيجاب والقبول من شخص واحد".
(١) يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٦/ ٢٨) حيث قال: "وليس للوكيل بالبيع أن يبيع من نفسه؛ لأن الحفوق تتعلق بالعاقد فيؤدي إلى أن يكون الشخص الواحد في زمان واحد مسلمًا ومتسلمًا، مطالبًا ومطالبًا وهذا محال، وكذا لا يبيع من نفسه، وإن أمره الموكل بذلك لما قلنا؛ ولأنه متهم في ذلك ".
(٢) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٥/ ٨٤) حيتَ قال: "وشراء الوكيل من نفسه غير جائز … وجملة ذلك أن من وكل في بيع شيء، لم يجز له أن يشتريه من نفسه، في إحدى الروايتين. نقلها. مهنا. وهو مذهب الشافعي وأصحاب الرأي ".
(٣) أخرجه الترمذي (٢٥١٨) وغيره، عن أبي الحوراء السعدي، قال: قلت للحسن بن علي: ما حفظت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: حفظت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة، وإن الكذب ريبة"، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (١٢).
(٤) يُنظر: "القوانين الفقهية" لابن جزي الكلبي (ص ٢١٦) حيث قال: "ويجوز للوكيل والوصي أن يشتريا لأنفسهما من مال الموكل واليتيم إذا لم يحابيا أنفسهما".
(٥) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٥/ ٨٤) حيث قال: "وشراء الوكيل من نفسه غير جائز ..... وكذلك الوصي لا يجوز أن يشتري من مال اليتيم شيئًا لنفسه، في إحدى الروايتين. وهو مذهب الشافعي. وحكي عن مالك، والأوزاعي جواز ذلك فيهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>