هذا ما ذكرناه آنفًا، من كونه يرى أن الوكيل حلَّ محله وقام مقامه، فيجوز أن يتصرف بحسب ما يراه أصلح وأنفع.
لكن الجمهور قالوا بعدم الجواز، فالوكيل فرع والموكِّل أصل، وهذا نائب وذاك هو صاحب الحق وتصرفه أوسَع، فما دام لم يأذن له في ذلك فليس له أن يفعل. ولا شكَّ أن مذهب الجمهور أقوى وكذلك هو أحوط.
قوله:(وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ أَبْيَنُ).
وفيه ترجيح المصنف قولَ الجمهور على ما ذهب إليه أبو حنيفة رحمه الله تعالى.
إذا ثبت تعدِّيه فإنه يضمن، وإلا فلا؛ لأن الأصل في الوكيل أنه أمين، وكذلك صاحب الوديعة؛ إذ لو كان الوكيل أو المودع عنده سيضمن ما يحصل دون أن يتعدَّى ويفرِّط تفريطًا ظاهرًا؛ فحينئذ سيتهرب الناس من الوكالات ومن تحمل الأمانات، وحينئذٍ تتوقَّف مثل هذه الأبواب ويفوت العبادَ مصالحُ كثيرة ومنافع متعددة بتوقفها.
(١) يُنظر: "روضة الطالبين" للنووي (٤/ ٣٢٥) حيث قال: "للوكالة حكم الأمانة. فيد الوكيل يد أمانة، فلا يضمن ما تلف في يده بلا تفريط، سواء كان بجعل، أو متبرعًا، فإن تعدى، بأن ركب الدابة، أو لبس الثوب، ضمن قطعًا، ولا ينعزل عن المذهب، بل يصح تصرفه، وإذا باع وسلم المبيع، زال عنه الضمان؛ لأنه أخرجه من يده بإذن المالك ".