للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكي تحصل المصلحة المرجوَّة من الوكالة فلا بد أن يكون الوكيل أمينًا (١)، وكذلك الأصل في الموكِّل ألا يختار إلا إنسانًا معروفًا بأمانته، موثوقًا به عند الناس، صاحب دين وخلق، أما إن وكَّل من لا تتوفر فيه مثل هذه الصفات؛ فهو حينئذٍ لا يبعد أن يحصل شيء من التفريط أو التعدِّي.

قوله: (وَإِذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ شَيْئًا وَأُعْلِمَ أَنَّ الشِّرَاءَ لِلْمُوَكِّلِ فَالْمِلْكُ يَنْتَقِلُ إِلَى الْمُوَكِّلِ) (٢).


(١) اتفق الفقهاء على أن الوكيل أمين على ما تحت يده من أموال لموكله فهي بمنزلة الوديعة. وعلى ذلك فلا ضمان على الوكيل لما يهلك منها إلا إذا تعدى أو فرط.
مذهب الحنفية، يُنظر: "روضة القضاة" لابن السِّمناني (٢/ ٦٥٩) حيث قال: "والوكيل أمين فيما في يده، والقول قوله في ضياع المال وتلفه ورده على صاحبه؛ لأنه نائب عن الموكل في اليد والتصرف ".
مذهب المالكية، يُنظر: "عقد الجواهر الثمينة" لابن شاس (٢/ ٨٣١) حيث قال: "للوكالة ثبوت حكم الأمانة للوكيل؛ لأن يده أمانة في حق الموكل حتى لا يضمن ما تلف بغير تعد ولا تفريط، سواء كان وكيلًا بجعل أو بغير جعل ".
مذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" الشربيني (٣/ ٢٥٤) حيث قال: " (ويد الوكيل يد أمانة، وإن كان بجعل) لأنه نائب عن الموكل في اليد والتصرف فكانت يده كيده، وأن الوكالة عقد إرفاق ومعونة والضمان مناف لذلك ومنفر عنه فلا يضمن ما تلف في يده بلا تعد. (فإن تعدى) في العين بلبس أو ركوب أو نحو ذلك (ضمن) بخلاف ما لو تلف بلا تعد كغيره من الأمناء فيهما، ومن التعدي أن يضيع منه ولا يدري كيف ضاع ".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٣/ ٤٨٤) حيث قال: " (والوكيل أمين لا ضمان عليه) (فيما تلف في يده من ثمن ومثمن وغيرهما بغير تفريط ولا تعد)؛ لأنه نائب المالك في اليد والتصرف فكان الهلاك في يده كالهلاك في يد المالك كالمودع (سواء كان) بجعل (أم لا) ".
(٢) يُنظر: "الإشراف على نكت مسائل الخلاف" للقاضي عبد الوهاب (٢/ ٦١١) قال: "إذا وكله في ابتياع شيء فابتاعه له على الصفة التي وكله عليها، فذكر أنه ابتاعه لموكله، فإن الملك ينتقل إلى الموكل دون الوكيل … فدليلنا هو أنه توكيل في معاوضة فإذا صح العقد الموكل لم ينتقل إلى ملك الوكيل كالتوكيل في النكاح، ولأنه مبتاع لغيره، فإذا لوم الابتياع الغير لم ينتقل الأيه كالحاكم إذا ابتاع لليتيم ".

<<  <  ج: ص:  >  >>