للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان هذا جواب الفريق الأول عن الحديث المتقدم.

قوله: (وَلِمَا يُخَافُ أَيْضًا مِنَ التَّقْصِيرِ فِي الْقِيَامِ بِمَا يَجِبُ لَهَا مِنَ التَّعْرِيفِ وَتَرْكِ التَّعَدِّي عَلَيْهَا).

في هذا دليل تعليلي -تعليل معقول المالكية والحنابلة ومَن معهم ممن قالوا بالكراهة، إلى جانب الحديث الذي ذكرنا- حيث يقولون: إن هذه أمانة، فهل نفسك إذا أخذتها ستضمنها وتحافظ عليها، أو أنَّ النفس ستضعف، ويدفعها الشيطان للطمع، فيغريها ويعلقها بها، فيأخذها دون أن يؤدي حقها، كالتعريف بها؛ فيكون بذلك قصَّر؛ فقالوا إذًا: الأوْلَى اجتناب ذلك.

أما الفريق الأول الذين قالوا بالجواز فلهم أدلة كثيرة، يأتي في مقدمتها حديث أُبَيِّ بن كعب، حيث قال: وجدت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صرَّة بمئة دينار، فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "عرفها حولًا" (١)، وسيأتي الكلام عن مدة التعريف.

فهذا دليل على أنه أخذها، وأن المسألة فيها خلاف.

ومن حديث زيد بن خالد الجهني، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما سئل عن اللقطة بيَّن أن الإنسان "يعرفها حولًا، فإن جاء صاحبها وإلا فاستنفقها" (٢)


(١) أخرجه البخاري (٢٤٢٦)، (٢٤٣٧)، ومسلم (١٧٢٣) ولفظه: عن سويد بن غفلة، قال: كنت مع سلمان بن ربيعة وزيد بن صوحان في غزاة، فوجدت سوطًا، فقالا لي: ألقه، قلت: لا، ولكن إن وجدت صاحبه، وإلا استمتعت به، فلما رجعنا حججنا، فمررت بالمدينة، فسألت أبي بن كعب - رضي الله عنه -، فقال: وجدت صرة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها مائة دينار، فأتيت بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "عرفها حولًا" فعرفتها حولًا، ثم أتيت، فقال: "عرفها حولًا" فعرفتها حولًا، ثم أتيته، فقال: "عرفها حولًا" فعرفتها حولًا، ثم أتيته الرابعة: فقال: "اعرف عدتها، ووكاءها ووعاءها، فإن جاء صاحبها، وإلا استمتع بها" قال: فلقيته بعد بمكة، فقال: لا أدري أثلاثة أحوال أو حولًا واحدًا.
(٢) أخرجه البخاري (٢٤٢٧)، ومسلم (١٧٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>