للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (وَذَلِكَ لِأَمْرَيْنِ).

يعود ذلك للفريق الأخير الذين قالوا بالكراهة.

قوله: (أَحَدُهُمَا مَا رُوِيَ أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ حَرْقُ النَّارِ").

هذا الحديث رواه أبو داود (١)، والترمذي (٢)، وابن ماجه (٣)، وأخرجه النسائي بإسناد صحيح (٤)؛ فهو حديث صحيح، لكن الحديث له مناسبة؛ لأن الطحاوي -رحمه الله تعالى- في كتابه "شرح معاني الآثار" جاء بهذا الحديث وساق الروايات الأخرى، وربما تكون بعض الروايات تُبيِّن السبب، مثلما جاء في حديث: "إن ضالة المؤمن حرق النار"، فهذه رواية تمسك بها الفريق الآخر، وهي تدل على تحذير مَن أخَذَ الضالة.

لكن جاء في روايات أخرى، منها ما في "معاني الآثار" (٥) عن الجارور العبدي -وهو الذي روى نفس الحديث-، قال: "أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعنا إبل عجاف -أيْ: هزيلة وضعيفة-، فسألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقلنا: يا رسول الله، إنَّا نأتي إلى الجرف المعروف بالمدينة، فنجد فيه الإبل فنركبها. فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "ضالة المؤمن حرق النار"".

إذًا، هُم كانوا يأخذون الإبل لا ليعرفوها، وإنما ليركبوها، فلمَّا عَلِمَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - منهم أنهم يأخذونها للانتفاع دون أن يؤدوا حقها؛ بيَّن لهم خطورة ذلك.


(١) لم أجده عند أبي داود.
(٢) حديث (١٨٨١)، ولفظه: عن الجارود، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ضالة المسلم حرق النار"، وصحح إسناده الألباني في "السلسلة الصحيحة" (٦٢٠).
(٣) حديث (٢٥٠٢)، وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (٢٠٤٥).
(٤) أخرجه النسائي في "الكبرى" (٥/ ٣٣٧).
(٥) حديث (٤/ ١٣٣) حيث قال: "عن الجارود أنه قال: كنا أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن على إبل عجاف. فقلنا: يا رسول الله إنا نمر بالجرف فنجد إبلًا فنركبها فقال: "إن ضالة المسلم حرق النار".

<<  <  ج: ص:  >  >>