للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"معها سقاؤها" (١)، وهو المكان الذي يجتمع فيه الماء في بطنها أو سنامها، معها "حذاؤها" (٢) وهو الخُف، وينزل منزلة الحذاء؛ لِمَا اتُّصِف به مِن القوة، ونعلم بأن الله سبحانه وتعالى قد خص هذا الحيوان بخصائص كثيرة، منها: قوة الصبر، والتحمل على رفع الأثقال، والجلَد، وأعطاه عنقًا طويلًا يتناول به الأشجار، ووضع بها ما يدفع عنها أثر الشوك، وغير ذلك من مزايا كثيرة جدًّا.

قوله: (وَهَذَا الْحَدِيثُ يَتَضَمَّنُ مَعْرِفَةَ مَا يُلْتَقَطُ مِمَّا لَا يُلْتَقَطُ).

هذا الحديث بيَّن ما يُلتقط وما لا يلتقط بالنسبة للنقدين أو لضالة الغنم كذلك، أما الإبل، فقال: "ما لك ولها … "، وبيَّن العِلَّة.

قوله: (وَمَعْرِفَةَ حُكْمِ مَا يُلْتَقَطُ كيْفَ يَكُونُ فِي الْعَامِ وَبَعْدَهُ وَبِمَاذَا يَسْتَحِقُّهَا مُدَّعِيهَا. فَأَمَّا الإبل فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا لَا تُلْتَقَطُ).

هذا الكلام -حقيقةً- غير محرَّر، فأبو حنيفة (٣) رحمه الله يرى أنها تُلتقط مطلقًا وتُعرَّف، وقاس ذلك على الغنم، ورد عليه الجمهور، كما سيأتي في هذا الحديث وغيره، والشافعية (٤) يقولون بجواز التقاطها بقصد


(١) يُنظر: "الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي" للأزهري (ص ١٧٦) حيث قال: "أراد بسقائها أنها إذا وردت الماء شربت منه ما يكون فيه ريها لظمئها وهي من أطول البهائم ظمأ لكثرة ما تحمل من الماء يوم ورودها".
(٢) يُنظر: "المصباح المنير" للفيومي (١/ ١٢٧) حيث قال: "الحذاء الخف؛ لأنها تمتنع به من صغار السباع ".
(٣) يُنظر: "مختصر القدوري" (ص ١٣٥) حيث قال: "ويجوز الالتقاط في الشاة والبقرة والبعير".
(٤) يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٨/ ٢٦) حيث قال: "حكم ضوال الإبل والغنم إذا وجدها في الصحراء، فأما إذا وجدها في المصر أو في قرية فالذي حكاه المزني فيما وجد بخطه أنها لقطة له أخذها وعليه تعريفها حولًا وحكي عن الشافعي في "الأم" أنها في المصر والصحراء سواء يأكل الغنم ولا يعرض للإبل فاختلف أصحابنا فمنهم من خرج ذلك على قولين:=

<<  <  ج: ص:  >  >>