للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجمهور يقولون: نعم؛ وذلك لروايةٍ من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "رد إلى أخيك ضالته" (١).

وقال مالك: لا؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "هي لك، أو لأخيك، أو للذئب" (٢)، فسوى بينها وبين الذئب، ومعلوم أنَّ الذئب لا يُطالَب بالتعريف والغرم.

ولذلك قال ابن عبد البر (٣) -وهو من أئمة المالكية-: لم يوافق مالكًا في هذا القول أحد من فقهاء الأمصار ولا غيرهم.

قوله: (فَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِنَّهُ يُضَمَّنُ قِيمَتَهَا (٤)، وَقَالَ مَالِكٌ فِي أَشْهَرِ الْأَقَاوِيلِ عَنْهُ: إِنَّهُ لَا يُضَمَّنُ (٥). وَسَبَبُ الْخِلَافِ مُعَارَضَةُ الظَّاهِرِ -كَمَا قُلْنَا- لِلْأَصْلِ الْمَعْلُومِ مِنَ الشَّرِيعَةِ).

مخالفة الظاهر لأصل معلوم من الشريعة.


(١) أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٤/ ١٣٥) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رجلًا من مزينة أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله فقال له: يا نبي الله، كيف ترى في ضالة الغنم؟. فقال: "طعام مأكول لك، أو لأخيك، أو للذئب، احبس على أخيك ضالته "، وعند أحمد (٦٦٨٣) بلفظ: "تجمعها حتى يأتيها باغيها".
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) ينظر: "التمهيد" لابن عبد البر (٣/ ١٢٥) حيث قال: "ولم يوافق مالكًا أحد من العلماء على قوله في الشاة إن أكلها لم يضمنها إذا وجدها في الموضع المخوف".
(٤) مذهب الحنفية، يُنظر: "تبيين الحقائق" لفخر الدين الزيلعي (٣/ ٣٠٣) حيث قال: "إذا أخذ اللقطة ليعرفها فإن أخذها ليأكلها لم يبرأ عن ضمانها حتى يدفعها إلى صاحبها".
ومذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي" (٤/ ١٢٢) حيث قال: "وقال سحنون: إذا وجدها في الفلاة وأكلها ضمن قيمتها لربها إذا علم به بعد ذلك ".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (٣/ ٥٨٤) حيث قال: "وإن شاء (أكله) متملكًا له (وغرم قيمته إن ظهر مالكه) ".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ٣٨٠) حيث قال: "وإذا أراد أكله حفظ صفته فمتى جاء ربه فوصفه غرم له قيمته ".
(٥) يُنظر: "الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي" (٤/ ١٢٢) حيث قال: " (و) له أكل (شاة) وجدها (بفيفاء) ولم يتيسر حملها للعمران ولا ضمان ".

<<  <  ج: ص:  >  >>