للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيكون صاحبها قد رفع من ذهنه هذا المكان الذي لم يجدها فيه، فكأنه ألحق الضرر بصاحبها، ولذلك قالوا: إن عليه الضمان.

قوله: (وَقَالَ أَشْهَبُ (١): لَا يُضَمَّنُ إِذَا رَدَّهَا فِي مَوْضِعِهَا، فَإِنْ رَدَّهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا ضُمِّنَ كَالْوَدِيعَةِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي تَلَفِهَا دُونَ يَمِينٍ إِلَّا أَنْ يُتَّهَمَ. وَأَمَّا إِذَا قَبَضَهَا مُغْتَالًا لَهَا فَهُوَ ضَامِنٌ لَهَا، وَلَكِنْ لَا يُعْرَفُ هَذَا الْوَجْهُ إِلَّا مِنْ قِبَلِهِ).

هذا الذي يأخذها خفية ربما يدرك أنه قد أخطأ؛ فحينئذ يضمنها.

قوله: (وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّالِثُ، فَهُوَ مِثْلُ أَنْ يجِدَ ثَوْبًا فَيَأْخُذَهُ، وَهُوَ يَظُنُّهُ لِقَوْمٍ بَيْنَ يَدَيْهِ لِيَسْأَلَهُمْ عَنْهُ، فَهَذَا إِنْ لَمْ يَعْرِفُوهُ وَلَا ادَّعَوْهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ حَيثُ وَجَدَهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِاتِّفَاقٍ عِنْدَ أَصْحَابِ مَالِكٍ (٢). وَتَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْبَابِ مَسْأَلَةٌ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا، وَهُوَ الْعَبْدُ يَسْتَهْلِكُ اللُّقَطَةَ).

هل العبد يلتقط أو لا؟ ربما يقال: كان ينبغي أن يذكر المؤلف الأصل ثم يفرع عليه، لكن الحقيقة أنَّ في مقدمة (كتاب اللقطة) أشار إلى أن العبد لا يلتقط عند أكثر العلماء، وهنا العبد يلتقط؛ إذًا، المسألة فيها خلاف بين العلماء، فبعضهم يرى أنه لا يلتقط، وبعضهم يرى أنه يلتقط، وبعضهم يرى أنه يلتقط إذا أذِنَ له سيده.


(١) يُنظر: "المنتقى شرح الموطإ" للباجي (٦/ ١٣٥) حيث قال: "وقال أشهب: لا يضمنها إن ردها في موضعها بقرب ذلك أو بعده فلا إشهاد عليه في ردها، وعليه اليمين لردها في موضعها، فإن ردها في غير موضعها ضمن ".
(٢) يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب (٦/ ٧٧) حيث قال: "فهو مثل أن يجد ثوبًا وهو يظنه لقوم بين يديه يسألهم عنه فهذا إن لم يعرفوه ولا ادعوه كان له أن يرده حيث وجده ولا ضمان عليه فيه، قاله ابن القاسم في المدونة، ورواه ابن وهب عن مالك ".

<<  <  ج: ص:  >  >>