للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَسَوَّى قَوْمٌ بَيْنَ مَيْتَةِ البَرِّ وَالبَحْرِ، وَاسْتَثْنَوْا مَيْتَةَ مَا لَا دَمَ لَهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ) (١).

وَيَقْصد بذلك مذهب الحنفية، فَهم يرَوْن أنَّ ما طفَا -وَهُو ما لَفظَهُ البحر- غير طاهرٍ، أما ما يُصَاد ونحو ذلك؛ فهذا طاهر (٢).

إذًا، ما ألقى البحر أو جزر عنه، فهو طاهر عندهم، وَاستدلُّوا بالحديث الضَّعيف: "وما مَاتَ في البحر وطفا" (٣)، يَعْني: لفَظَهُ البحر، ويأتي الكلام حول قول الله {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} [المائدة: ٩٦]، ما المراد بالطعام؟ فَهُم يخالفون في كلمة الطعام.

قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: اخْتِلَافُهُمْ فِي مَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣]، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ فِيمَا أَحْسَبُ اتَّفَقُوا أَنَّهُ مِنْ بَابِ العَامِّ أُرِيدَ بِهِ الخَاصُّ).

الصحيح أنه من باب العام المخصوص، أي: عَامٌّ دَخَله الخُصُوصُ،


(١) يُنظر: "الاختيار لتعليل المختار" لابن مودود الموصلي (١/ ١٥) حيث قال: "ومَا كان مائي المولد من الحيوان موته في الماء لا يفسده)؛ كالسمك والضفدع والسرطان؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "هو الطهور ماؤه، الحل ميتته "، فاستفدنا به عدم تنجُّسه بالموت ".
(٢) يُنظر: "الدر المختار" وحاشية ابن عابدين "رد المحتار" (٦/ ٣٠٦، ٣٠٧) حيث قال: " (ولا) يحل (حيوان مائي إلا السمك) الذي مات بآفة ولو متولدًا في ماء نجس ولو طافية مجروحة وهبانية (غير الطافي) على وجه الماء الذي مات حتف أنفه، وهو ما بطنه من فوق، فلو ظهره من فوق فليس بطافٍ، فيؤكل كما يؤكل ما في بطن الطافي، وما مات بحر الماء أو برده وبربطه فيه أو إلقاء شيء فموته بآفة وهبانية (و) إلا (الجريث) سمك أسود (والمارما هي) سمك في صورة الحية، وأفردهما بالذكر للخفاء وخلاف محمد".
(٣) أخرجه أبو داود (٣٨١٥) وغيره، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما ألقى البحر، أو جزر عنه، فكلوه، وما مات فيه وطفا، فلا تأكلوه "، وَضَعَّفه الأَلْبَانيُّ في "ضعيف الجامع" (٥٠١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>