للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أجاب الجمهور -ومنهم الأئمة الأربعة (١) - عمن يرَوْنَ بأن العارية ليست بواجبة وإنما هي جائزة بل مستحبة، فأجابوا عن ذلك بأنه جاء في الحديث: "ليس في المال حق سوى الزكاة" (٢).

وفي قصة الأعرابي الذي جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسأله عما فرضه الله سبحانه وتعالى عليه، فذكر له الركنين الأولين، ثم بعد ذلك ذكر الشهادتين، ثم الركن الثاني الصلاة، ثم قال له: "إيتاء الزكاة"، قال: هل علَيَّ غيرها؟ قال: "لا، إلَّا أن تتصدق" (٣)؛ فدل ذلك على أنها ليست بواجبة، لكنها عمل طيب يتقدم بها الإنسان ليعين أخاه.


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "فتح القدير" للكمال ابن الهمام (٩/ ٣) حيث قال: " (العارية جائزة)؛ لأنها نوع إحسان وقد "استعار النبي -عليه الصلاة والسلام- دروعًا من صفوان "".
مذهب المالكية، بُنظر: "حاشية الصاوي" للخلوتي (٣/ ٥٧٠) حيث قال: " (وهي مندوبة): أي الأصل فيها الندب؛ لأنها من التعاون على الخير والمعروف ".
مذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٣/ ٣١٤) حيث قال: "وهي مندوب إليها، ففي الصحيحين "أنه - صلى الله عليه وسلم - استعار فرسًا من أبي طلحة فركبه " وفي رواية لأبي داود وغيره بإسناد جيد "أنه - صلى الله عليه وسلم - استعار درعًا من صفوان بن أمية يوم حنين فقال أغصب يا محمد؟ فقال: "بل عارية مضمونة"".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٤/ ٦٢) حيث قال: " (وهي) أي الإعارة (مندوب إليها)؛ لأنها من البر والتقوى وقال تعالى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} ".
(٢) أخرجه ابن ماجه (١٧٨٩)، وقال الألباني: ضعيف منكر. انظر: "ضعيف ابن ماجه" (٣٥٥).
(٣) أخرجه البخاري (٤٦)، ومسلم (٢٦٧٨)، ولفظه: عن طلحة بن عبيد الله، يقول: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أهل نجد ثائر الرأس، يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول، حتى دنا، فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خمس صلوات في اليوم والليلة". فقال: هل علي غيرها؟ قال: "لا، إلا أن تطوع ". قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وصيام رمضان ". قال: هل علي غيره؟ قال: "لا، إلا أن تطوع ". قال: وذكر له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزكاة، قال: هل علي غيرها؟ قال: "لا، إلا أن تطوع ". قال: فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أفلح إن صدق ".

<<  <  ج: ص:  >  >>